الملحق الثقافي:حسين صقر:
كان الجوّ بارداً، ونسماته تخترق الجسد، دفّأتهُ حرارة الشوق، فيما العتمة تلفُّ المكان بثوبٍ حالك، لكنّ نورها أضاءهُ كقمرِ أيلول.. فتحتْ الباب ففاحَ عطر حضورها، وانتشر أريج معمّد بياسمينِ الخفة والهدوء، وسادت في الأفقِ نسماتُ إعجابٍ من نوعٍ خاص..
همسُها كلحنٍ موسيقيّ، يسري في الروحِ المعتقة ولعاً، بنسائمِ الانتظار الراقي.. جميلةٌ كانت شاء حزنها أم أبى.. ألقت بيدها على مقبضِ الباب، فصدر صوتٌ عذبٌ، أشبه بموسيقا مطرٍ ينقرُ على زجاج نافذة، يقبع خلفها عاشقٌ أضناهُ الوله للمحبوبة، التي تسلّي وحدته وتؤانس غربته..
هكذا شعر دخولها، كإشراقة شمسٍ، كقصيدةٍ عاشقة، وكمطلع أغنيةٍ شجيّة، يرددها الحصّادون في يوم حار، فتخفّف تعبهم وتشجّعهم..
يخشاها الغزل، ويخاف تفاصيلها، لعلّه يغفل وصف خصلة شعرٍ، أو وجنةٍ لوّنها الخجل.. جميلةٌ كانت أكثر مما أتصوّر، وأكثر من أن يُشوّه جمالها، مزاجٌ لحدثٍ عابر، يتسبب به كائناً من كان، أو أيّ ظرفٍ طارئ.
لدى دخولها، توقّف الزمن، وساد صمت الحكاية، فلكلِّ حكايةٍ غاية، ولكلِّ دخول في حياتنا أثرٌ، ودخولها كان قصيدة، أو ربما رواية..
مدهشةٌ كانت، كلوحةٍ لا تشرحها المعاني، ولا يلوّنها إلا فنانٌ بارع.. لا تحيط بمكنونها معرفة، ولا تقرأ تفاصيلها إلا معجزة.. حطّت كفراشة، كمقطوعةٍ موسيقيّة، كعطرٍ نثرهُ عاشقٌ، لا يريد أن يصحو من عناقِ الحلمِ أبداً..
التاريخ: الثلاثاء20-7-2021
رقم العدد :1055