الثورة اون لاين – عبد الحميد غانم:
مرت أكثر من ثمانية أعوام على انطلاق مبادرة جمهورية الصين الشعبية ( الحزام والطريق).. وخلال هذه الفترة حققت تقدما في مجال التعاون الدولي، وفي المؤتمر السنوي لمنتدى “بوآو” الآسيوي الذي عقد في نيسان 2021، وصف الرئيس الصيني شي جين بينغ مبادرة الحزام والطريق بأنها “طريق عام مفتوح للجميع” بدلاً من كونها “طريقا خاصا يملكه طرف واحد”، مشيراً إلى أن الصين وبصفتها المبادِرة لإطلاق مبادرة الحزام والطريق، فإنها تسعى إلى مشاركة الفرص مع بقية العالم.
وفي مواجهة التحديات غير المسبوقة التي فرضها كوفيد-19، وتصاعد تيارات الأحادية وزيادة الحمائية، وحاجة العالم لتوطيد علاقات أوثق بين جميع الدول، في ظل هذه الخلفية، تعتبر مبادرة الحزام والطريق مبادرة طموحة ذات قيمة خاصة في ترسيخ الاتصال ومعالجة وحل الخلافات وتعزيز التعاون العالمي.
الحقائق والشواهد أصدق تعبير من الكلمات، ففي مواجهة الركود العالمي الناجم عن جائحة كوفيد-19، قفز الاستثمار الصيني المباشر غير المالي في البلدان الواقعة على طول الحزام والطريق بنسبة 18.3 في المائة على أساس سنوي إلى 17.8 مليار دولار أمريكي في عام 2020.
كما تشهد التجارة ازدهاراً على طول الطريق القديم ولكن المثمر، حيث ساعد على نقل الإمدادات الطبية القيمة إلى من هم في أمس الحاجة إليها وسط تفشي الجائحة.
وفي الربع الأول من هذا العام، قامت قطارات الشحن بين الصين وأوروبا بـ 3398 رحلة، بزيادة 75 في المائة على أساس سنوي، حيث تم نقل ما مجموعه 89 ألف طن من إمدادات مكافحة الوباء عبر القارات بحلول أواخر آذار من هذا العام.
تعمل الصين أيضًا مع جميع المشاركين الراغبين في بناء مبادرة الحزام والطريق على طريق التخفيف من حدة الفقر وتحقيق النمو، ووفقًا لتقرير صادر عن البنك الدولي، يمكن أن تساعد مشاريع الحزام والطريق بحلول عام 2030 في انتشال 7.6 مليون شخص من الفقر المدقع و 32 مليون شخص من الفقر المعتدل في جميع أنحاء العالم.
وحتى نهاية كانون الأول 2020، وقعت 171 دولة ومنظمة دولية 205 اتفاقيات تعاون مع الصين بشأن البناء المشترك للحزام والطريق.
تقوم مبادرة “الحزام والطريق” -النهج التنموي الذي تتبناه الصين- على إحياء طريق الحرير القديم، من أجل تعزيز الترابط والاعتماد المتبادل في ظل التغيرات الهائلة التي يشهدها العالم على مستوى الاقتصاد والتوازنات الجيوسياسية.
تضم مبادرة “الحزام والطريق” الصينية مجموعة ضخمة من مشروعات البنية التحتية التي تمتد من آسيا إلى أوروبا، وتعكس المبادرة رؤية شاملة للسياسة الخارجية للصين، تتيح لها فرصًا للتعاون مع الدول الشريكة.
ورحبت العديد من الدول بهذه المبادرة وخاصة الدول النامية لأنها تعنيها بالاستثمارات والفرص التجارية المرتبطة بالمبادرة.
شكل ظهور (كوفيد-19) في البداية ما يشبه الكارثة للصين، لكن ما إن تمكّنت من السيطرة عليه حتى غيرت نهجها، وأصبحت ترى الأزمة كفرصة لها لإظهار وجهها الإيجابي للعالم، وقررت تبنِّي نهج “الدبلوماسية الطبية” أو “دبلوماسية القناع”، التي ركزت على تبادل الخبرات وإرسال الأطباء والمعدات الطبية إلى البلدان التي كانت تكافح من أجل السيطرة على انتشار الفيروس، وتم تضمين كل تلك التحركات في إطار مشروع “طريق الحرير الصحي”، واختُزلت كل التحركات والمبادرات الصينية الخارجية تحت مظلة مبادرة طريق “الحزام والطريق”، التي أضحت تُعد بمثابة إطار للسياسة الخارجية الصينية، وقد أعلن عنه الرئيس الصيني لأول مرة في عام 2013، عندما تحدث عن إنشاء الحزام الاقتصادي لطريق الحرير عبر آسيا الوسطى.
بعد ذلك بوقت قصير، دعا إلى إنشاء طريق الحرير البحري، حيث يشكل المخططان معًا أساس مبادرة “الحزام والطريق”.
تعتبر مبادرة الحزام والطريق واحدة من أكبر مشروعات البنية التحتية والاستثمارات في التاريخ، والتي تغطي أكثر من 68 دولة، بما في ذلك 65٪ من سكان العالم و40٪ من الناتج المحلي الإجمالي العالمي اعتبارًا من عام 2017.
يبنى المشروع على طرق التجارة القديمة التي كانت تربط الصين بالغرب، وطرق ماركو بولو وابن بطوطة في الشمال وطرق الرحلات الاستكشافية البحرية لسلالة مينج الأدميرال تشنغ هي في الجنوب.
تشير مبادرة الحزام والطريق الآن إلى المنطقة الجغرافية بأكملها لطريق التجارة التاريخي “طريق الحرير” والذي تم استخدامه باستمرار في العصور القديمة، وهي مبادرة طموحة لتعزيز التعاون الدولي ومواجهة سياسات الهيمنة الغربية والأمريكية التي تريد فرضها على العالم لإحلال نهجها الاقتصادي وجعل البلدان في خدمة مصالحها.