الثورة أون لاين – ترجمة ختام أحمد:
كانت النتيجة الرئيسية للاجتماع بين الرئيسين بوتين وبايدن في جنيف في 16 حزيران الماضي هو البيان المشترك الذي مفاده أننا “نعيد التأكيد على مبدأ عدم الانتصار في حرب نووية ويجب عدم خوضها أبدًا”.
هذا الاعتراف المرحب به بأن الحرب النووية ربما تدمر العالم له أهمية خاصة الآن لأنه وفي هذا الشهر يشهد الذكرى السادسة والسبعين لأول استخدام للأسلحة النووية والأخير.
في 6 آب 1945، ألقيت قنبلة ذرية أمريكية فوق مدينة هيروشيما اليابانية مما أسفر عن مقتل حوالي 70 ألف شخص، وفي 9 آب دمرت قنبلة أخرى مدينة ناغازاكي مما أسفر عن مقتل حوالي 40 ألف شخص، وعلى أثرها استسلمت اليابان في 15 آب، وبذلك انتهت الحرب العالمية التي أسفرت عن مقتل عشرات الملايين من الناس معظمهم من المدنيين، والتقديرات تختلف من 35 إلى 60 مليونًا، ولكن بغض النظر عن العدد، كانت الحرب كارثة كبيرة – ولكنها ليست كبيرة مثل الكارثة التي كانت ستصيب العالم إذا تم استخدام الأسلحة النووية مرة أخرى.
في حين أن الكثير منا قد يكون واثقًا من أن الولايات المتحدة وروسيا لن تستخدما الأسلحة النووية ضد بعضهما البعض، حتى في حالة المواجهة الكبرى، فإن هذا التفاؤل لا يمكن أن يمتد إلى مواقف أخرى، ومن الجدير بالذكر أن هناك أربع دول ترفض الالتزام بمعاهدة عدم انتشار الأسلحة النووية (NPT) التي تصفها الأمم المتحدة بأنها “معاهدة دولية تاريخية تهدف إلى منع انتشار الأسلحة النووية وتكنولوجيا الأسلحة، وتعزيز التعاون في الاستخدامات السلمية للطاقة النووية وتعزيز هدف تحقيق نزع السلاح النووي ونزع السلاح العام الكامل”.
والدول المسلحة نووياً التي ترفض الانضمام إلى معاهدة حظر الانتشار النووي هي كوريا الشمالية (التي وقعت لكنها انسحبت بعد ذلك) والهند و”إسرائيل” وباكستان. من بين هؤلاء، تنكر “إسرائيل” فقط امتلاك أسلحة نووية، ومن الملاحظ أنه لا وزارة الخارجية الأمريكية ولا وكالة المخابرات المركزية تذكر ترسانة “إسرائيل” النووية أو برنامجها أو قدراتها في أي من موادها العامة. وتكتب وزارة الخارجية بشكل مفرط أن “إسرائيل شريك عظيم للولايات المتحدة، وليس لإسرائيل صديق أعظم من الولايات المتحدة ويتحد الأمريكيون والإسرائيليون في التزامهم المزعوم بالديمقراطية والازدهار الاقتصادي والأمن الإقليمي؟!!. لم يكن الرابط غير القابل للكسر بين بلدينا أقوى من أي وقت مضى “.
ذكرت وكالة المخابرات المركزية أن “الولايات المتحدة هي إلى حد بعيد المورد الرئيسي للأسلحة لإسرائيل” التي “لديها قاعدة صناعية دفاعية واسعة يمكنها تطوير وإنتاج ودعم واستدامة مجموعة متنوعة من الأسلحة، أنظمة أسلحة للاستخدام المحلي والتصدير، لاسيما المركبات المدرعة والأنظمة الجوية بدون طيار والدفاع الجوي والصواريخ الموجهة “.
لا ترى واشنطن شرًا ولا تسمع شرًا في أي شيء يتعلق “بإسرائيل”، وعندما التقت نائب وزيرة الخارجية ويندي شيرمان بمستشار الأمن القومي الإسرائيلي إيال هولاتا وكبير مستشاري السياسة الخارجية شمريت مئير في 3 آب، كررت السياسة الأمريكية من خلال التأكيد على “دعم الحكومة الأمريكية الثابت لأمن إسرائيل”، والذي يفترض أنه يتضمن دعم برنامج أسلحته النووية.
نشرت صحيفة تايمز أوف، تقريرًا لوكالة أسوشييتد برس يفيد بأن “منشأة نووية إسرائيلية سرية، يفترض أنها في مركز برنامج الأسلحة الذرية غير المعلن عنها في البلاد، تخضع لما يبدو أنه أكبر مشروع بناء لها منذ عقود”، كان هناك الكثير من التكهنات الدولية بشأن التطور السري، والذي تم اكتشافه من خلال صور الأقمار الصناعية، ولكن لم يتم الكشف عن أي شيء يترتب عليه.
يقول التقرير السنوي لعام 2021 لمعهد ستوكهولم الدولي لأبحاث السلام (SIPRI) أن “إسرائيل لديها سياسة طويلة الأمد تتمثل في عدم التعليق على ترسانتها النووية التي تُقدر بتسعين رأساً حربياً، يُقدر أن حوالي 30 منها قنابل جاذبية للتسليم بواسطة طائرة F16 “.
ووفقًا لتايمز أوف فإن سلاح الجو الإسرائيلي يشغل الآن 27 طائرة هجومية متعددة المهام من طراز F-35 ، بما مجموعه 50 طائرة ستكون في الخدمة بحلول عام 2024، وأفادت شركة Defense World أنه “في عشرات الصور التي نشرها مكتب البرنامج المشترك F-35 ، يمكن رؤية المقاتلة الشبح التابعة للقوات الجوية الأمريكية وهي تختبر قدرتها على حمل قنبلة الجاذبية النووية الحرارية B61-12، مع قوة تفجير قصوى تبلغ 50 كيلو طنا.
الدعم الأمريكي هو جزء من برنامج مساعدة طويل الأمد والذي من المتوقع أن يستمر في ظل أي حكومة “بإسرائيل” ، لأنه في حزيران و بعد وصول نفتالي بينيت لرئاسة الوزراء، أعرب الرئيس بايدن عن نيته الراسخة في تعميق التعاون بين الولايات المتحدة و”إسرائيل” حول العديد من التحديات والفرص التي تواجه المنطقة، معلناً أن “الولايات المتحدة لا تزال ثابتة في دعمها لأمن إسرائيل”.
ليس من قبيل الصدفة أن تعارض كل من “إسرائيل” والولايات المتحدة بشدة إيران وأنهما مصممتان على الإطاحة بحكومتها واستبدالها بشيء على غرار النظام الفاسد للشاه محمد رضا بهلوي الذي حكم كدمية أمريكية إلى أن أطيح به عام 1979، وتحقيقا لهذه الغاية، تسعى الإدارات في واشنطن و”إسرائيل” إلى جعل حياة الإيرانيين العاديين صعبة وبائسة قدر الإمكان، على أن يكون برنامج إيران النووي الناشئ وغير المهم أحد أهدافها.
في عام 2015 وصلت إيران إلى اتفاق مع الولايات المتحدة وبريطانيا وفرنسا والصين وروسيا وألمانيا بشأن الحد من أنشطتها النووية مقابل تخفيف العقوبات، وكان الأمر يسير على ما يرام إلى أن ألغى ترامب كل الترتيبات وفرض مزيدًا من العقوبات.
ولا تزال إيران عازمة على تطوير الطاقة النووية، لكن الولايات المتحدة و”إسرائيل” تؤثران عليها مع الاعتقاد بأن هذا طريق للإنتاج السريع للأسلحة النووية.
وألقت “إسرائيل” والولايات المتحدة والمملكة المتحدة باللوم على إيران في هجوم على ناقلة نفط قبالة ساحل عمان في 29 حزيران، حيث زعم غانتس أن لديه “أدلة دامغة” على المسؤولية الإيرانية، مما يثبت كما قال إن “النظام الإيراني يهددنا ويثير شرارة سباق تسلح إقليمي” .. وتشمل “قدرات” إسرائيل القدرة على ضرب إيران بأسلحة نووية بالنظر إلى ادعاء بينيت وغانتس أن “إسرائيل” مهددة من إيران، ماذا سيحدث بعد “الحادث” التالي؟.
فهل تستخدم إسرائيل ترسانتها النووية بعد كل شيء، وما سبب امتلاكها لتسعين سلاحًا نوويًا؟!.
بقلم: بريان كلوجلي
Strategic Culture