ماذا بعد الهزيمة الأميركية في أفغانستان؟

الثورة أون لاين – عبد الحليم سعود:

ما من شك بأن ما جرى في الخامس عشر من آب وهو سيطرة حركة طالبان على أفغانستان قبل أن يكتمل الانسحاب الأميركي منها كان حدثاً مفاجئا بكل المقاييس لكل من تابعه، وهو حدث لا يقل أهمية عن حدث 11 أيلول عام 2001 الذي كان سبباً أو ذريعة لغزو أفغانستان وإنهاء حكم طالبان فيها.
لا جدال في أن ما جرى في الأيام الماضية هو هزيمة أميركية بالمعنى السياسي والأخلاقي قبل أن تكون هزيمة عسكرية مدوية، حيث عجزت أعظم قوة عسكرية في عالمنا المعاصر عن تأمين انسحاب لائق بقواتها وموظفيها وعملائها، رغم استمرارها في احتلال هذا البلد لنحو عشرين عاماً، وهي أطول حرب خاضتها أميركا منذ تأسيسها قبل أكثر من قرنين، وستظل مشاهد مطار كابول الصادمة عالقة في الأذهان لسنوات طويلة مثلها مثل مشهد انهيار برجي التجارة العالمية في نيويورك عام 2001، حيث سقطت كل القيم الأميركية التي يتم الترويج لها دفعة واحدة حين تعاطت قواتها بكل هذا الانحطاط وانعدام الأخلاق مع آلاف الأفغان الهاربين من خطر طالبان، مغلقة في وجوههم أبواب طائراتها العملاقة كآخر أمل لهم للنجاة مما ينتظرهم على أيدي الحركة المتشددة الساعية للانتقام.
يعزو منتقدو إدارة بايدن التي أخذت القرار بالانسحاب السريع الهزيمة المدوية للقوات الأميركية وقوات الحكومة الأفغانية، إلى المبالغة الأميركية في تقدير نتائج الأموال الضخمة التي أنفقتها على الحرب بأفغانستان، وإلى عدم رغبة الجيش الأفغاني في القتال من أجل الحكومة.
يقول ديفيد إي سانغر وهيلين كوبر الكاتبان في صحيفة نيويورك تايمز إن الفساد المستشري، وفشل الحكومة في دفع رواتب العديد من الجنود الأفغان وضباط الشرطة لأشهر، والانشقاقات، وإرسال الجنود إلى الجبهة دون طعام وماء كافيين لحصول هذه الهزيمة السريعة، ناهيك عن الأسلحة.
وفي مقال آخر يقول كل من سكوت راينهارد وديفيد زوتشينو في الصحيفة ذاتها “إن الجيش الأفغاني الذي لم يؤمن بنفسه، والجهد الأميركي الذي لم يعد الرئيس الأميركي جو بايدن ومعظم الأميركيين يؤمنون به، قد وضع نهاية خبيثة لأطول حرب أميركية”.
وأشار الكاتبان إلى أن كبار مستشاري بايدن أعربوا عن إصابتهم بالدهشة من الانهيار السريع للجيش الأفغاني في مواجهة هجوم جيد التخطيط من قبل طالبان، ليقولا “إن السنوات الـ20 الماضية تثبت أنه ما كان على هؤلاء المستشارين أن يُصابوا بالدهشة”.
بالنتيجة، ورغم كل ما سيقال عن هذه النهاية الدراماتيكية للحرب الأميركية في أفغانستان التي بدأت بسقوط طالبان وانتهت بعودتها، لا يمكن التسليم بواقع أن ما حدث في 15 آب هو مجرد حرب طويلة وضعت أوزارها وسيعم الاستقرار والسلام والازدهار في البلاد بعد ذلك، فلا المنتصر قادر على قيادة البلاد والنهوض بها من جديد من واقع الحرب المدمرة، ولا المهزوم سيدع أفغانستان وشعبها وجوارها بأمان، فهدف الحرب بالأساس لم يكن مجرد الانتقام لهجمات 11 أيلول ومنع طالبان والقاعدة من شن هجمات جديدة على الولايات المتحدة كما قال بايدن، بل كان لها أهداف استراتيجية تتعدى ذلك، وهي محاصرة إيران ومضايقة كل من روسيا والصين وفرض هيمنة الولايات المتحدة على وسط وجنوب وشرق آسيا على المدى الطويل، وليس هناك من مؤشرات بأن الولايات المتحدة قد تخلت عن هذه الأهداف الصعبة أو تراجعت عنها، وهو ما نراه عبر نشاطات أميركية مستمرة لتطويق هذه الدول وإضعافها، وعقد المزيد من التحالفات من أجل هذا الغرض.
ولأن السياسة هي فن الممكن، وفي العرف الأميركي هي لعبة خداع وتضليل، فقد تعود الولايات المتحدة، وهي من أنتجت حركة طالبان والقاعدة في بدايات التسعينات من القرن الماضي، لاستخدامهما من جديد ضد نفس الأعداء، إذ لا يمكن لعاقل أن يصدق هذه السرعة في تسلم طالبان لمقاليد الحكم والسيطرة في أفغانستان دون تواطؤ أميركي مفضوح، حيث كانت الغاية من ذلك إشعال حرب أهلية تنتقل شرارتها إلى دول الجوار “باكستان الصين إيران وباقي دول الاتحاد السوفييتي السابق” وما يعنيه ذلك من تورط هذه الدول بمزيد من المشكلات الداخلية التي تعطل نهوضها وطموحاتها، ففي كل دولة من هذه الدول استعدادات مختلفة للمزيد من الحرائق ذات الطابع الإرهابي، وقد تعمد واشنطن لإشعال هذه الحرائق بالاعتماد على حدث صعود طالبان عبر تشجيع المجموعات المتطرفة في كل بلد على حذو التجربة الطالبانية والاتصال بزعاماتها من أجل المساعدة، إذ لا يمكن تفسير تخلي الجيش الأميركي المنسحب عن مخازن من الأسلحة المتطورة باتت اليوم في أيدي الحركة، وقد يكون ذلك جزءا من اتفاق الدوحة بين واشنطن وحركة طالبان.

اليوم تبدو دول جوار أفغانستان مدعوة لاحتواء حكم طالبان وتقليص نفوذ وتأثير الحركة خارج حدود البلاد، فهل تنجح كل من روسيا والصين وإيران بهذه المهمة أم تعود أفغانستان مجددا إلى بؤرة إرهاب تهدد العالم برعاية أميركية تركية قطرية، حيث لا يمكن إخفاء الأدوار المشبوهة التي تلعبها هذه الأطراف لخدمة أجنداتها التخريبية في المنطقة.

آخر الأخبار
خطة وطنية لإعادتها للحياة.. الحرائق تُهدد مستقبل الغابات  وزير الطوارئ رائد الصالح.. توقف النيران وبدء مرحلة التبريد.. لن نغادر قبل إخماد آخر شعلة نار ماجد الركبي: الوضع كارثي ويستدعي تدخلاً دولياً فورياً حاكم مصرف سورية المركزي: تمويل السكن ليس رفاهية .. وهدفنا "بيت لكل شاب سوري" عمليات إطفاء مشتركة واسعة لاحتواء حرائق ريف اللاذقية أهالي ضاحية يوسف العظمة يطالبون بحلّ عاجل لانقطاع المياه المستمر الشرع يبحث مع علييف في باكو آفاق التعاون الثنائي حافلات لنقل طلاب الثانوية في ضاحية 8 آذار إلى مراكز الامتحان عودة ضخ المياه إلى غدير البستان بريف القنيطرة النقيب المنشق يحلّق بالماء لا بالنار.. محمد الحسن يعود لحماية جبال اللاذقية دمشق وباكو.. شراكات استراتيجية ترسم معالم طريق التعافي والنهوض "صندوق مساعدات سوريا" يخصص 500 ألف دولار دعماً طارئاً لإخماد حرائق ريف اللاذقية تعزيز الاستقرار الأمني بدرعا والتواصل مع المجتمع المحلي دمشق وباكو تعلنان اتفاقاً جديداً لتوريد الغاز الطبيعي إلى سوريا مبادرات إغاثية من درعا للمتضررين من حرائق غابات الساحل أردوغان يلوّح بمرحلة جديدة في العلاقة مع دمشق.. نهاية الإرهاب تفتح أبواب الاستقرار عبر مطار حلب.. طائرات ومروحيات ومعدات ثقيلة من قطر لإخماد حرائق اللاذقية عامر ديب لـ"الثورة": تعديلات قانون الاستثمار محطة مفصلية في مسار الاقتصاد   130 فرصة عمل و470 تدريباً لذوي الإعاقة في ملتقى فرص العمل بدمشق مساعدات إغاثية تصل إلى 1317 عائلة متضررة في ريف اللاذقية"