الثورة أون لاين – عبد الحميد غانم:
تشكل سيطرة حركة طالبان المتطرفة على أفغانستان من جديد كارثة وكابوساً سببه إخفاق استخباراتي غربي وتخلي الولايات المتحدة عن التزامها تجاه هذا البلد.
فالولايات المتحدة تتحمل كامل المسؤولية عن الوضع البائس في أفغانستان وسيطرة طالبان مجدداً على البلاد.
وليس غريباً ما حصل إذا علمنا أن الرئيس الأميركي جو بايدن قال مؤخراً إن إعمار أفغانستان لم يكن أبداً هدف الحملة العسكرية الغربية التي قادتها واشنطن على هذا البلد.
وبعد عشرين سنة من احتلال هذا البلد فشلت أميركا والغرب في جعل أفغانستان دولة ديمقراطية يسودها الأمن والاستقرار وتمكين جيشها الذي دربته قواتها من المحافظة على هذا الأمن.
وفي ذات الوقت، سجل إخفاق وكالات الاستخبارات الغربية في توقع انهيار الجيش الأفغاني في أيام وليس في أشهر، فأين كانت استخباراتهم لترى بوضوح ما كان يحدث، إن أحداً لم يكن يتوقع ذلك ولا حتى طالبان.
وقد سارع الرئيس الأميركي جون بايدن في محاولة يائسة منه إلى التهرب من علاقة واشنطن بالقوات الحكومية الأفغانية رغم أن إدارته “إضافة إلى الإدارات الأميركية السابقة” لطالما تبجحت بجهوزية الجيش الأفغاني الذي تم إعداده وفقاً لمعايير واشنطن وإشرافها طوال السنوات العشرين الماضية وإنفاق المليارات عليه وتزويده بالسلاح.
الجيش الأميركي ووفقاً لمصادر أميركية وغربية وبدلاً من زرع الروح القتالية لدى الجيش الأفغاني زرع الفساد في صفوف قادته الأمر الذي أكدته صحيفة واشنطن بوست الأميركية التي كشفت في تقرير لها أن القوات الأفغانية باتت تحتاج سنوياً إلى تعويض 25 بالمئة من عددها وذلك بسبب انتشار حالات الفساد بين قادتها وبعلم واشنطن التي وصفت الأمر “بالطبيعي” وذلك من خلال سرقة ونهب الأموال المقدرة للجيش الأفغاني والتلاعب بأعداده بهدف السرقة.
وما ساقته واشنطن بوست أكده تقرير لهيئة “سيغا” المكلفة من قبل الكونغرس الأميركي بالإشراف على العمليات العسكرية الأميركية في أفغانستان والذي كشف سوء التنظيم لدى المسؤولين الأميركيين في إعداد الجيش الأفغاني منذ عام 2005 حيث أقر الجيش الأميركي بفشله في الحصول على جوانب ملموسة لدى الجيش الأفغاني مثل القتال والقيادة والعمل على منظومة الاتصالات وفقاً لصحيفة الغارديان البريطانية.
مركز الدراسات الاستراتيجية والدولية في واشنطن بدوره وجد أن التفاؤل الكبير الذي روجته الولايات المتحدة وثقتها بتقدم الحكومة الأفغانية في “الحوكمة” وقدرتها على القيادة والتقدم في القتال الحربي وتأسيس قوات أمن قوية كان مبالغاً فيه ولا يستند إلى شيء على أرض الواقع وفقاً لوكالة سبوتنيك.
لذلك لم يكن من المستبعد أن الانسحاب السريع للقوات الأميركية من أفغانستان قد سحب البساط من تحت القوات الأفغانية لصالح طالبان مثل “دخول مقاتل لنزال وهو معصوب العينين” وفقاً لما أوردته وكالة نوفوستي.
فكانت الطريق مفتوحة أمام تقدم طالبان بعد انسحاب القوات الأميركية والأطلسية وهروب الجيش الأفغاني، وتتحمل أميركا والغرب وقواتها العسكرية ومخابراتها المسؤولية عما حدث ويحدث في أفغانستان.