الثورة أون لاين – تحقيق – سهيلة إسماعيل:
– المرأة الأولى : هل اشتريتِ ملابس مدرسة للأولاد؟
– ومن أين يا حسرة ! أنتظر آخر الشهر , هذا إذا استطعت أن أشتري لهم كل ما يحتاجونه !
وأنتِ؟
– حصلت على جمعية قيمتها 100 ألف ليرة اشتركت بها مع زميلاتي في العمل منذ فترة . ولن تكفي أبداً لأن الملابس والأحذية مرتفعة الثمن ..!
– وهل وضعتِ مؤونة لفصل الشتاء “ملوخية، رب البندورة، مكدوس، زيت مازوت للتدفئة” وغيرها من المواد الأخرى؟
– لا تذكريني فالواقع مرير ولم يعد لدينا القدرة على تحمل تبعات الغلاء وجشع التجار وفوق كل ذلك تطنيش الجهات المعنية.
وهنا تدخلت سيدة أخرى لتقول أنها تشتري من أحد المحال في حيها وبالتقسيط ولولا ذلك لما استطاعت شراء أي شيء لأولادها الذين لا يدركون الواقع المُعاش وليسوا مسؤولين عنه، ويريدون أن يلبسوا لباساً جديداً للمدرسة أسوة بزملائهم في الصف.
هذا الحوار سمعته بين امرأتين في محل بيع خضار، وهو حوار يتكرر كل يوم، فأسعار المستلزمات المدرسية للطلاب في جميع المراحل مرتفعة جداً، وما يزيد الطين بلة أن افتتاح المدارس يتزامن مع التحضير لفصل الشتاء، ما يرهق معظم الأسر ولاسيما ذوي الدخل المحدود .
*جنون الأسعار..
خلال جولتنا في بعض أسواق مدينة حمص سألنا أصحاب المحال الذين يبيعون ألبسة مدرسية عن سبب ارتفاع الألبسة وما يسببه الارتفاع من تكلفة مادية لا تستطيع الأسرة تحملها
– عبد الكريم .خ قال: ذهبت يوم الأمس لأشتري ألبسة مدرسية ( قمصان – مراويل- وبناطلين) وفوجئت بارتفاع غير مسبوق في أسعارها، مع أنني أحصل عليها بسعر الجملة، ولم أشتر إلا بضع قطع لأضعها في محلي، ومع ذلك دفعت بحدود 500 ألف ليرة سورية، وأضاف قائلاً: هناك فجوة كبيرة بين الأسعار ودخل الأسرة ما أدى إلى ضعف القوة الشرائية لدى المواطن الذي يحاول الاحتيال على الواقع ليتدبر أموره المعيشية، وهو غير مستعد لأي مصاريف إضافية. فالراتب الشهري يكاد لا يكفي ثمن خبز وخضار…!
*تجار الجملة..
– صاحب محل آخر في حي كرم الشامي قال : قبل أن تسألونا عن سبب ارتفاع الأسعار اسألوا تجار الجملة ، لأن الجواب لديهم ، أما نحن فنريد أن نحقق هامش ربح ولو بسيط ، لأننا في نهاية المطاف مواطنون كغيرنا من المواطنين الآخرين ونعاني من ارتفاع أسعار المواد الغذائية والسلع الاستهلاكية .
– بينما رأى صاحب محل آخر في السوق المسقوف أن الارتفاع في أسعار المستلزمات المدرسية عادي جداً، لا بل إنه منطقي، وهو نتيجة طبيعية لارتفاع التكلفة من مواد أولية وأجور نقل وأجور يد عاملة ومحروقات لا سيما إذا كان صاحب المعمل المنتج يعتمد على المولدات عوضا عن الكهرباء في ظل واقع التيار الكهربائي الحالي ونظام التقنين المطبق في كافة المحافظات.
*دور غرفة التجارة..
ونتوجه بالسؤال لغرفة تجارة حمص باعتبارها الجهة المعنية بالأمور التجارية في المدينة علنا نجد لديها جوابا شافيا ، فنعرف بوجود عضو من الغرفة ضمن لجنة تسعير المواد واللجنة تتبع لمديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك ، فتواصلنا مع العضو المختص “نزار كفا” الذي قال : إن مهمة اللجنة الطلب من التجار في محافظة حمص تقديم بيانات بكلفة السلع التي يتاجرون بها سواء حقائب مدرسية أو ألبسة أو مواد أخرى، ونقوم بتدقيق البيانات المعروضة، و تعتبر الكلفة في هذا الوقت مرتفعة نسبيا مقارنة بسنوات ماضية، ومع ذلك إذا شعرنا بوجود أسعار مرتفعة في بعض المواد الأولية أو في تحديد أجور العمال “نتدخل” لأننا نعرف ما هو موجود على أرض الواقع فنحن نعيش في السوق ولسنا دخلاء عليه.
*حماية المستهلك..!!
أما مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك المهندس رامي اليوسف فقال: بناء على قرار لجنة التسعير في المديرية ودراستها لبيانات الكلفة نقوم بتدقيق الأسعار في السوق، وحين نجد أن سعر سلعة ما أكثر من كلفة إنتاجها نقوم باتخاذ الإجراءات القانونية اللازمة، وعلى المواطن أن يشتكي إذا أحس أن البائع يتقاضى منه زيادة على السعر الحقيقي.
وأردف اليوسف أن محافظ حمص عقد اجتماعا مع الجهات المعنية بأسعار المستلزمات المدرسية ومنها مديرية التجارة الداخلية وحماية المستهلك وسيتم افتتاح معرض خاص بها في حي الوعر ليتم تأمينها بأسعار مناسبة.
*إجراءات ولكن…!!
كما عرفت الثورة أون لاين أن فرع السورية للتجارة في حمص سيطرح ألبسة وقرطاسية في إحدى صالاته، وسيتم تقسيط ما قيمته 200 ألف ليرة للعاملين في الدولة سواء كانوا مثبتين دائمين أو بعقود سنوية وبدون فوائد.
*لا يتمتع بالجودة..
لكن هنا نود أن نشير إلى أن ما يتم طرحه في معارض المستلزمات المدرسية لا يتمتع بجودة عالية، وحتى أننا عرفنا من بعض المواطنين أن الأسعار تكون – أحياناً- أعلى من أسعار السوق وللمواد نفسها، ما يجعل هذه الإجراءات رغم توفر النية الحسنة من اتخاذها إجراءات دون جدوى ولا تؤدي الغرض الذي أقيمت من أجله.
وهكذا تبقى مشكلة تأمين احتياجات الأولاد وتحضير مؤونة الشتاء هاجسا يقض مضجع الأسرة في حمص كما في غيرها من المحافظات الأخرى. دون أن تفكر أي جهة بفعل شيء جدي وحقيقي من أجل الفئة الأكثر حاجة وهي فئة ذوي الدخل المحدود الذي سيصبح والحالة هذه دخلاً مهدوداً وليس محدوداً فقط…!!