منذ أكثر من شهر نشرت مقالاً في هذه الزاوية تحت عنوان “أميركا تخرج من أفغانستان.. منتصرة أم منكسرة..؟” و لم يكن في الأمر ضربة معلم صحافة ولا مهارة واستنتاج خبير زمانه.. بل كانت القضية مطروحة.. وقبل ذلك بكثير كانت مطروحة..
جاء في ذاك المقال:
” يبقى السؤال: على من.. أو على ماذا.. تراهن أميركا في انسحابها من افغانستان؟ بعد ذاك الليل الطويل الذي أمضته فيها دون نتائج مرئية.. الواضح اليوم أنها تراهن على حالة فوضى دولية “خلاقة”.. لخلق محشر ما.. لروسيا أو للصين..
والغريب أن تراهن الولايات المتحدة على ذلك وكأنها تفترض.. غياب العزيمة.. سواء المقاومة المقاتلة الرافضة أو حتى الدبلوماسية.. لكل دول المنطقة.. بما فيها روسيا والصين..
يستغرب المرء أن تقوم دول عظمى ودول إقليمية قوية ببناء مواقف لها مرتبطة كل هذا الارتباط بمحاولة التعرف على ما تريده الولايات المتحدة والترتيبات التي تتجه إليها.. بحيث لا ترى لها مواقف مواجهة أو استراتيجيات.. أو حتى تكتيكات تواجه الوضع الذي خلفته أميركا للمنطقة.. والأغرب أن القوم أخذتهم الدهشة والمفاجأة مما لا مفاجأة فيه.. ويكاد الإجماع يحصل على أن أميركا ليست منكسرة..
المفاجأة الحقيقية الأكبر أنهم يرون أن أميركا ليست منكسرة لأنها ببساطة لا تنكسر.. وهي غير قابلة للانكسار..
لا أستهين بقوة أميركا وصعوبة انكسارها.. لكن أميركا في أفغانستان خرجت منكسرة.. وإلا ماذا تسمي نتائج حرب عشرين عاماً في هذا البلد؟ دعنا نأخذ القرينة من مقاربة جد بسيطة.. ماذا كان هدف أميركا من غزوها أفغانستان؟
الانتقام لـ 11 أيلول الأسود وإسقاط حكم طالبان.. حسن.. حصل ذلك، فماذا بعد..؟
قتل أسامة بن لادن..؟ هم قتلوه.. ليس بحرب استوجبت زج كل هذه الجيوش.. بل قتلوه بهجوم جوي.. فماذا بعد..؟
عشرون عاماً تزج وتنفق وتخسر.. عشرون عاماً حرب في أسوأ ظروف.. وأسوأ ما فيها أن أحداً لن يدفع للولايات المتحدة فاتورة الحرب.. وتلك هزيمة كبرى في الحسابات الأميركية.. وهذا انكسار.. أما الانسحاب فهو تجلي الانكسار.. وبالتأكيد ليس تجلي انتصار طالبان.. طالبان أيضاً منكسرة ولن تكون قادرة على تنفيذ المهمة الموهومة المفترضة لمصلحة الولايات المتحدة ضد الصين وروسيا وإيران وغيرها..
أميركا انكسرت في أفغانستان كما انكسرت في فيتنام وغيرها.. حتى في الصومال انكسرت..
معاً على الطريق – أسعد عبود