الملحق الثقافي: ميثاء محمود:
«أصبحت متفائلاً بطريقتي الخاصة.. إذا لم أستطع العبور من أحد الأبواب، فسأقصد باباً آخر أو أصنع باباً.. سيأتي أمرٌ رهيبٌ مهما كان الحاضر مظلماً، فلنعش ونجد باباً يعطينا الضوء.. لنقاوم الظلمات التي تحاول أن تمنعنا من تحقيق أهدافنا، وتطلعاتنا إلى تحقيق ما تصبو إليه أنفسنا.
أقرأ هذه المقولة، فأشعر بمقدار حكمتها، وبأنها بابٌ من الأبواب التي علينا أن نلجها، لنكتشف المزيد من حكمة قائلها. الفيلسوف والشاعر الهندي «طاغور»، «منارة الهند» أو «الشّمس المشرقة» كما أطلق عليه «المهاتما غاندي»..
شكّل تغيّراً كبيراً ومهمّاً في الثقافة الهنديّة السائدة، وقفزة نوعية في الارتقاء بالعادات والتقاليد ضمن المجتمعات الهنديّة، وكانت تجربته غنية وواسعة، تخطّت حدود بلاده، إلى كلّ بلدان العالم التي باتت شهرته وأشعاره حاضرة في لغتها.
هذا ما حقّقه رغم أنه لم يلتحق بمدرسة، بل تلقى دروسه في البيت، وأكملها في بريطانيا، دون أن يحصل على شهادة، إلا دراسته البيتيّة التي تمّت تحت إشراف مدرِّسين صارمين، أخضعوه لنظام تربويّ حفّزه على الاندفاع نحو فضاءٍ، وضعٍ أسس التربية الروحية والإنسانيّة فيه، ذلك أنه نبذ التعصب بين الطوائف والأديان.
الـفـلاحون البسطاء الذين عاش بينهم، وأوضاعهم المعيشية وعاداتهم الاجتماعيّة، أمدّوه بإلهامٍ كبير جعله يُدرك، أن جوهر السلوك الاجتماعيّ للـفـلاحين، هو الاعتماد على الذات، والمبادرة المحليّة في المجتمع، ما شكّل أساس إعادة تنظيم المجتمع الهندي، ولاسيما في المناطق الريفية التي يقطن فيها الفلاحين والفقراء، ممن سعى إلى إدخال رؤاه الفكريّة التعليميّة، لتوعيتهم وتطويرهم، ليدعوهم بعدها إلى نبذ التعصّب، والتعامل بمحبة وإنسانية.
هي قيمٌ نفتقدها، ورؤى فكريّة – فلسفيّة – أخلاقية، كلّما عدنا إليها، وسواء في قصصه وأشعاره أو في فلسفته الواقعية، شعرنا بأن الباب الأكثر قدرة على جعلنا نفهم الحياة وأنفسنا قبلها، هو ذاك الذي يقودنا إلى الطبيعةِ بأشجارها وأزهارها وأنهارها وطيورها، وإلى كلّ الجمال الذي يهذّب الروح، ويجعلها تهيم في مداراتِ المعرفة الإنسانيّة.
يتطلّب ما نعيشه من آلام ومتاعب، أن نتمسك بهذه القيم، ونعمل بها، ويكون ذلك عندما نفتح باباً من أبواب الحكمة، مسترشدين بقول هذا المعلّم الحكيم: «دعونا لا نصلِ لنحتمي من المخاطر، وإنما لنكون أكثر شجاعةً عند مواجهتها».
التاريخ: الثلاثاء31-8-2021
رقم العدد :1061