الملحق الثقافي:حبيب الإبراهيم:
شكّل الإعلام أحد أهمّ أذرع العدوان، في الحربِ الكونيّة الظالمة على سورية، الأرض والإنسان، وقد لعبّ التضليل الإعلاميّ، إلى جانب الحرب العسكريّة، دوراً رئيساً في محاولة إضعاف المجتمع، وضرب وحدته الوطنيّة، من أجل خلخلته وتجزئته، وصولاً إلى انهياره.
لقد عملت قوى العدوان، بمختلف مستوياتها وأجهزتها واستخباراتها وأدواتها الإعلاميّة، وسواء الإعلام المرئي، أو المسموع أو المقروء، أو حتى المواقع الإلكترونيّة التي أُحدثت لهذه الغايةّ، لبثِّ ليل نهار، ما يُضلّل حتى الرأي العام الغربي، ساعيةً إلى تشويه صورة الدولة السورية وقيادتها وجيشها وقواها الأمنية، ولتصوير أن ما يجري في سورية، على حدّ زعمها، ضمن ما اصطلح على تسميته زوراً وبهتاناً «الربيع العربي»..
إن ما جرى مطلع 2011، بدءاً من تونس، مروراً بمصر وليبيا وسورية واليمن، لم يكن لا ربيعاً ولا عربياً، لأن المخطّطين والمنفّذين والداعمين، يديرون هذه المؤامرة عبر أدواتهم الرخيصة في الداخل، من خلال وسائل الإعلام المعروفة للقاصي والداني، والتي وُظِّفت لهذه الغاية، وكان هدفها الأساسي، إسقاط الأنظمة وتدمير الدولة الوطنية، وتكريس الفكر الوهابي الظلامي الأسود، فكانت أكثر وسائلها خطورة، وسائل الإعلام التي لم يقتصر دورها على التضليل فقط، بل حاول (دعاة الديمقراطية – لاسيما الأميركيّة) فبركة وقائع وأحداث وهميّة، مثل استخدام الكيماوي، أو القيام بمجزرة هنا وأخرى هناك، لتوجيه أصابع الاتهام للدولة والجيش العربي السوري، وبالتالي تأليب الرأي العام العالمي ضدهم، وصولاً إلى فرض أجندتهم ومخططاتهم العدوانيّة.
هي حربٌ مركّبة، بعيدة الأهداف، عميقة الأثر، عمل قوّاد إعلامها، على إضعاف الروح المعنوية للشعب، عبر بثّ الأخبار الكاذبة والمشوّهة، واستخدام العديد ممّن يدّعون المهنيّة الإعلامية، وتوظيف أقلامهم مقابل بضع مئات من الدولارات، لتشويه دور مقاتلينا الأبطال، الذين دافعوا عن الأرض والعرض، وقدّموا التضحيات الجسام، صوناً للوطن وسيادته وكرامته.
إنه ما جعل الإعلام السوريّ الوطنيّ، يتحوّل إلى استراتيجيّة وخطط ودراسات وتوجّهات وسلاح مواجهة، ضد قوى العدوان، ولهذا وجدناه يتصدّى لهذه الحرب المضلّلة، فيكشف الفبركات، ويعرّي الادّعاءات، ويفضح الأكاذيب بمهنيّةٍ ومنهجيةٍ، أكدهما الإعلامي «ديب علي حسن» في كتابه «ثنائية الثقافة والإعلام» حيث قال:
«نعم، نحن إعلام دولة ووطن، رسالتنا الإعلامية تحددها أهداف الدولة والوطن، ولا يمكن لصوتنا أن يكون خارج ذلك، نحن صوت البناء والتفاعل والتواصل، وإذا كان مجد الصحفيّ كما يقولون لحظة، فمجد الصحفي السوريّ دهر دائم، لأنه ابن عشرة آلاف عامٍ من حضارةٍ مؤتمن عليها بكلِّ شيء، مؤتمن على مسيرة البناء والتحرير، قوته من قوة الدولة ومؤسّساتها».
لقد شكّل الإعلام الوطني حائط السدّ الأول، ضد هذا التضليل الذي وظّف كلّ إمكاناته الماديّة والبشريّة، للنيل من صمود سورية، جيشاً وشعباً وقيادة، فكانت كلمته هي الأولى في فضح الأكاذيب وتعرية المضلّلين، من خلال برامج تلفزيونيّة وإذاعيّة، ومقالات صحفيّة ومنشورات إلكترونيّة، كما كان للجيش السوري الإلكترونيّ، دور مهم في كشف التضليل، وإظهار الحقائق بروحٍ مليئة بالثقة والمسؤوليّة الوطنيّة.
لم تستطع قوى العدوان، وبالرغم من كلّ الإمكانات الفنيّة واللوجستيْة والماديّة، أن تحقق أهدافها، فعملت على الذراع الاقتصادية والعقوبات الاقتصادية وقانون قيصر، ومحاربة الشعب السوري في لقمة عيشه، وعيش أطفاله. لكن، ما لم تحققه بالقوّة العسكرية، لم ولن تستطيع تحقيقه بأذرعها الأخرى، فكلّ العقوبات، ومهما كان شكلها ولونها وتوقيتها، لن تستطيع فرض أهدافها وأجنداتها، ولا يمكن أن تنال من صمود الشعب وإيمانه بوطنه ومستقبله المنشود.
التاريخ: الثلاثاء31-8-2021
رقم العدد :1061