الملحق الثقافي:نبوغ محمد أسعد:
في مدخل القراءة، من المفترض أن أذكّر أن “رياض طبرة” يلمّ بأغلب الأجناس الأدبيّة، ومنها الشّعر الذي يدعم أيّ كتابةٍ أخرى، في حالِ استطاع الكاتب أن يفهمه أو يعرفه، وأيضاً إن كان يكتب أيّ جنس أدبي آخر.. ولا بدّ لنا أن نخالف قليلاً النمط التقليديّ في الكتابة، التي تصدر في عالم الثقافة.
“أسرار شامية” هي مجموعة قصصيّة، يُشعرك “طبرة” أنه يبدأها بحديثٍ عاديّ، ولكنه سرعان ما يُغير مجرى السرد، ليأخذ المتلقّي إلى عوالمٍ فنيّةٍ، تربطه بقضاياه، وأحياناً تجعله منشغلاً بالتفكير، وفي كثيرٍ من الأمور التي يتمنّى أن يحلّها، وهذا نجده في قصة “القمصان الخضر” التي مزج في طرحها الواقع بالخيال، ثم استند كثيراً على الرمز، وكذلك في قصة “فرَّ عاشقاً” .
نعم.. “طبرة” يجعل القارئ قلقاً أو محتاراً، في التفريق فيما إذا كانت القصة لها علاقة بالأساطير، أو التاريخ، أم إنها وليدة حالةٍ اجتماعيّةٍ حديثة، أراد أن يقف أمامها بشكلٍ فنيّ تراتبيّ، في كلّ توجهاته وتطلعاته، التي لا تخلو في النتيجة من السخريّة، أمام هذا الواقع الجارح، والجريح في آنٍ.
لا تقتصر قصص المجموعة، على فئةٍ عمريّةٍ، ومثل هذا الأسلوب يتناول كلّ الشرائح التي وقفت أمام الهمّ والمعاناة، ومنها ما كان مواجهاً، ومنها ما كان مغايراً، ومنها ما كان متلائماً، فقد توخّى الكاتب فيما تناوله في قصصه، الصدق الذي لمسناه في “ورقة.. مجرد ورقة”، و”على حين حمّى”.
أما في “يوميات طليق سابق يظهر”، فكان التشويقُ أشبه كبناءٍ أساسيّ في السرد، لأنه اعتمد على انفعالٍ صادقٍ، واتّجه إلى طرح إشكالاتٍ وحالاتٍ نفسيّة، كانت بسبب الهمّ الاجتماعيّ الذي تنوّع واختلف في معظم بيئات المجتمع، نظراً لما فقده هذا المجتمع من وعيٍ ومعرفة، ولما عانى منه بسبب تآمر الآخر عليه.
يرصد “طبرة” في المجموعة أيضاً، حالات الشجاعة لدى الشعب السوري، بل والشباب الذي واجه الإرهاب بكلّ ما يمتلك من إرادةٍ وحبّ لوطنه، مقدّماً روحه، أو حتى أحد أعضاء جسده.
تقع المجموعة في 120 صفحة من القطع المتوسط، وقد صدرت حديثاً عن “الهيئة العامة السورية للكتاب”.. وفي مضمونها ما يدلّ على أن العلاقات الاجتماعيةّ الذي يعيشها كاتبها، قد انعكست على موهبته الأدبية، ومكّنته من تأريخ وتدوين، ما يدور وما يجب أن يكون، من أجلِ مستقبل أكثر ضماناً لكرامةِ ووعي وارتقاءِ الأجيال.
التاريخ: الثلاثاء7-9-2021
رقم العدد :1062