الملحق الثقافي:ميثاء محمود:
في كتاب “الأنا هي العدوّ” يقول مؤلّفه الأميركي “ريان هوليداي”: الأنا التي نراها بشكلٍ شائع، هي إيمان غير صحيّ بأهميتنا. الغطرسة هي العقبة الوحيدة التي حتماً ستعرقلك، سواء أكنت ممتلئاً بالطموح لتعلي من شأنك وتنجح، أو حتى لديك ما يكفيك، لتستطيع إكمال الحياة بالشكلِ الجيد.. إن أسوأ عدوّ يعيش بالفعل داخلك، هو الأنا “الإيجو”.
لاشك أن “الأنا” التي تعيش في دواخلنا وهي عدوّنا، موجودة لدى أغلبية البشر بالفطرة، إلا أنها لدى البعض، ظاهرة وغالبة على طباعهم أكثر من الآخرين، وبدليل سعي هذا البعض، لاستخدام أيّ وسيلة تُظهره على أنه الأفضل، وبأنه المتفوق دوماً، ولو على حسابِ الآخر، وهو ما يُعتبر أنانيّة، بل وعقبة تعرقلُ الطموح، وتقلّل من أهميّته وجدواه ونتائجه.
إنها حقيقة مؤكّدة في “الأنا هي العدوّ”، وهي إن كانت موجودة في كلّ شخص، سواء أكان صغيراً أم كبيراً، غنيّاً أم فقيراً، متعلّماً أم غير متعلم، وما إلى ذلك بدرجة أقل أو أكبر، لا تعني أن يتحوّل الإنسان إلى عدائي لنفسه وللآخرين، يسعى إلى ما سعى إليه المهووسون بالرؤية، لتشكيلِ العالم على صورتهم، بقوّة مطلقة وغير عقلانية تقريباً.. لا تعني ذلك، بل تعني أن يسعى هذا الإنسان، إلى ما سعى إليه الحكماء، ممن حاربوا عبر التاريخ غرورهم، فتجنّبوا الأضواء، ليضعوا إنجازاتهم وعطاءاتهم للإنسانية بأكملها.
هذا ما أشار إليه الكتاب، الذي قدّم مجموعة واسعة من القصص والأمثلة، بدءًا من الأدب، مروراً بالفلسفة، وليس انتهاءً بالتاريخ.. أشار أيضاً، إلى أسماء شخصيات عظيمة في إنجازاتها، متواضعة في عطاءاتها، وهو ما يؤكّد لنا أن العظيم متواضعٌ ومحبٌّ ومعطاءٌ وإنسانيّ، وأن المغرور ومهما قدّم، يبقى ما يقدّمه لإبراز وجوده وأناهُ وطغيانه، وسوى ذلك مما يدلّ على أنه شخص مدمّر، وعدوانيّ – أنانيّ.
نوجز: “الأنا تجعلك سهل الكسر، وفي أوّل موقفٍ ستُصدم فيه صدمة عنيفة، لن تبرأ منها. اقهرها.. اقهر الأنا.. اعرف نفسك، اخرج من رأسك، الحياة أجمل في الخارج. ابقَ طالباً للمعرفة طوال عمرك”..
هذا ما ندعو إليه أيضاً، ليتخلّص كلّ منا من عدوّه الداخلي. الأنا التي علينا أن نُخضع غرورها وتضخمها، بالتأمل والعقل والاتزان، بالتواضع والمعرفة ومحبّة الإنسان للإنسان.
التاريخ: الثلاثاء7-9-2021
رقم العدد :1062