فيما يشبه الاستراحة بين شوطين يعيش العالم حالة ترقب لما قد يتفتق عنه العقل الأميركي في المرحلة المقبلة، لجهة أن الإدارات الأميركية المتعاقبة على الحكم في الولايات المتحدة الأميركية أدمنت على الحروب وإثارة المشكلات يمنة ويسرة بحجج واهية كشفتها السنوات الماضية من الحرب الإرهابية على سورية.
فبعد عشرين عاماً من الحرب على أفغانستان باسم محاربة “القاعدة” وحركة طالبان المحتضنة لها هناك، ها هي واشنطن تسحب ذيول فضيحتها الأخلاقية والإنسانية من هذا البلد، مسلمة مقاليده جهاراً نهاراً لمن كانت تدعي محاربته على مدار عقدين من الزمن، دمرت خلالها كل شيء بما فيه الروح الإنسانية والمعنوية لدى البعض من أبناء الشعب الأفغاني مصورة نفسها بأنها المنقذ الوحيد له.
وقد رأينا عينة ممن وثق بالأميركيين وهم يحتضنون عجلات الطائرات العسكرية الأميركية وهي تقلع ليسقطوا سقوطا حراً ـ كما سقطت شعارات أسيادهم الاميركيين في الحرية والديمقراطية وحقوق الانسان على أرض مطار حامد كرزاي ـ بعد أن تبتعد الطائرة عن الأرض حيث نهاية حياتهم التي تم ملؤها لهم على مدار عشرين عاماً من الحرب بالأحلام الهوليودية.
وفي اليوم الذي تحيي فيه الولايات المتحدة ذكرى هجمات 11 أيلول وهي تستكمل إجلاء قواتها ورعاياها من أفغانستان لتطوي إحدى صفحات إجرامها وإرهابها حول العالم، تواصل إدارة جو بايدن إرهابها الموصوف في الأراضي السورية بأشكال متعددة، يبدأ بدعم تنظيمات وميليشيات إرهابية وانفصالية كداعش وقسد، ولا يقف عند احتلال الأرض وسرقة ثروات السوريين النفطية والزراعية والحضارية الآثارية، بل يتجاوزه إلى ممارسة الإرهاب الاقتصادي من خلال الإجراءات القسرية الأحادية، وما يسمى “قانون قيصر” الأنموذج الأسوء في قائمة هذه الإجراءات اللا قانونية واللا أخلاقية التي تستهدف السوريين في لقمة عيشهم وحبة دواء أطفالهم، في ظل انتشار وباء كورونا المستجد في جميع أنحاء العالم.
ولكن من أدمن على بث الفوضى وتسعير نيران الحروب بحجج كاذبة لن يتغير في ليلة وضحاها، حتى ولو أقر بخطئه وسجل نوعاً من التراجع عنها، كالذي حصل في أفغانستان مؤخراً، لأن يده الأخرى تعمل وتعيث إرهاباً وقتلاً وخراباً وفوضى في أماكن أخرى، ومنها الأراضي السورية لذلك لا يمكن الوثوق بالإرهابي الأميركي مهما حاول أن يجمل أفعاله، والانسحاب الأميركي من أفغانستان ليس إلا استراحة بين شوطين إرهابيين غير معروف وجهة الثاني منهما.
حدث وتعليق- راغب العطيه