منذ أمس قصد الطلاب الناجحون في الشهادة الثانوية العامة مراكز التسجيل في الجامعات لتقديم أوراق القبول الأولية في المفاضلة العامة التي أعلنتها وزارة التعليم العالي، حيث جاءت المعدلات مرتفعة إلى حدٍ كبير كأنها تنافس ارتفاع أقساط الجامعات الخاصة التي حلقت عالياً، وكأن التعليم الجامعي لم يعد للفقراء وأصحاب الدخل المحدود، وإنما لأصحاب رؤوس الأموال والتجار ومن في حكمهم..!
صدرت معدلات القبول الأولية هذه وجاءت مرتفعة بحجة ارتفاع نسبة النجاح، وحصول طلاب كثر على علامات عالية، وهذا يضحك ويبكي في آن معاً، ويطرح أسئلة عديدة، فهل المطلوب أن تكون نسبة النجاح متدنية؟ وألا يحصل الطلاب على علامات عالية ..؟ ونحن ننادي ليل نهار بدعم المتفوقين وتشجيعهم ودعم التعليم والاستثمار في الكوادر البشرية العلمية..! هل المطلوب أن تكون درجات الطلاب في الشهادة الثانوية على مقاس ما تريده وزارة التعليم..؟ ويقل عدد الحاصلين على العلامات الجيدة وما فوق..؟ هل..؟ هل..؟
في جميع أنحاء العالم تفتخر الدول والحكومات بكوادرها البشرية المميزة والمتفوقة وذات المستوى الجيد في كل شيء، فما بالك إن كان ذلك في العلم والتعليم..! وقبل الحديث عن ارتفاع نسب النجاح والعلامات و…و… لا بد من القيام بدراسات وأبحاث ووضع خطط وبرامج علمية دقيقة تستثمر في العقول والكوادر الشابة وخاصة في التعليم وليس التبرير وخلق المسوغات لإجراءات ومفاضلات تصدر تحتاج لأسس ومعايير صحيحة وسليمة، إذ لابد من إيجاد اختصاصات جديدة ومهن وحرف وعلوم جديدة جامعية تواكب وتوازي طبيعة السوق الوطنية وخصائصها، وفتح معاهد وجامعات وكليات جديدة تحاكي واقع البلد، والتوجه نحو الاختصاصات الأخرى وألا يكون فقط الطب بأنواعه أو الهندسات وما شابه هو المسيطر على عقول وقناعة الطلاب والأهل معاً، وهذا مسؤولية الجهات المعنية وعلى رأسها وزارة التعليم العالي، والتربية مع وزارات أخرى معنية، عندها تتغير النظرة وتختلف الأمور.
وبالحديث عن معدلات القبول في المفاضلة الأولى المرتفعة التي تحتاج إلى تغيير في النمط والأسلوب والهدف، فهناك معدلات قبول ثانية وبالتالي درجات جديدة للتسجيل في كليات وأقسام وفروع الجامعات وبالتالي أيضاً هناك ارتفاع آخر في المعدلات وهذا يعني بالتأكيد خروج عدد لابأس به من الناجحين خارج إطار مرحلة التعليم الجامعي، أو يضطر الطالب لدراسة فرع أو اختصاص لا يرغب به ولا يناسبه أبدا،ً وهذا يفرز تداعيات أخرى وآلام أخرى ومشكلات جديدة كان يجب تجاوزها وتجنبها فيما لو أعددنا البدائل والحلول، حتى بتنا نسمع ونردد ونقول: هذه لم تعد مفاضلة وأصبح الناس يلقون عليها تسميات أخرى بمدلول آخر.. مفاصلة، فلنفاصل ونضع النقاط على حروفها.
حديث الناس- هزاع عساف