الثورة أون لاين – حمص – رفاه الدروبي:
ارتجل الأديب والناقد والمترجم حنا عبود محاضرة عنوانها “التحولات الكبرى للرواية” لمدة ساعة دون أن تخط أنامله مادة ورقية بحضور رئيس اتحاد الكتاب الدكتور محمد حوراني وأمام جمهور من مثقفي وأدباء وشعراء واسطة العقد الكبار أمثال فرحان بلبل والدكتور رضوان قضماني في اتحاد كتاب فرع حمص.
بدأ الناقد عبود حديثه شارحاً كلمة التحولات وسيادتها لأنها ستحتوي على كامل عناصر الأدب مستقبلاً، وقد وجد عند التعمق بالمصطلح العربي عدم تقصيره عن الأجنبي لافتاً أنَّ الرواية تعني من الرأي وما تأمل قوله ووجد أنَّه عاش على النظرية ذاتها واعتمد عليها لكن فيما بعد طرح على نفسه سؤالاً أثناء ترجمته لإحدى الروايات الأمريكية هل الأدب نشأ من الهياكل ومن أين جاءت اعتماد الطقوس عليها؟ فاستنتج أنَّ البشرية لها ثلاث ثورات زراعية وصناعية ومعلوماتية واعتبرهم أكبر ثورات حدثت وكان لها تأثير أكثر ما أحدثته الثورات الفرنسية والروسية والأمريكية.
واعتبر الأديب حنا أنَّ الرواية شعراً وأدباً ومذاهب بدأت مع الصيد وما يتبعه من لباس ومسكن وقوت وأدوات يشكل رواية ومسرحية كاملة، فالأقصوصة تبدأ بجوقة وأغانٍ بعد عودة الصيادين من رحلتهم فتقوم الاحتفالات وتقرع الطبول لإعلام الناس بعودتهم واضعين على وجوههم الأقنعة على شكل رؤوس حيوانات والغابات كثيفة حولهم وتروى أشعار ومسرحيات كاملة متخذين من الخيام والكهوف مساكن لهم كي تؤمن نقاط ارتكازهم ويسردون القصص معتمدين على عناصر تشويق حتى يصاب المستمع بالنعاس، فالرقص والقصة موجودان في مرحلة الصيد وكأنه قص رواية.
فيما انتقل للحديث عن الثروة الزراعية واعتمادها على المرأة حيث ألقت على عاتقها كل شيء وحتى المحراث كان اختصاصها ومع مرور الزمن اكتشفوا سرعة الحصان فاستخدموه في الحروب وسيطروا على كامل المنطقة وحولوا الآلات الزراعية إلى بدائية فظهرت الملاحم مع الرحلات وكتاب الروايات ومنها رواية “جول غابرييل فيرن” البحرية والبرية وغيرها.
بينما لفت المحاضر أنَّ العمل السردي والدرامي والشعر والرواية كانوا من الملاحم القديمة، فالإلياذة والأوديسة كلاهما رحلة من اليونان إلى طروادة مبيناً أن تحولات العصر الزراعي كانت مع فتوحات الإسكندر المقدوني عندما أصبحت بعد الرحلة في القصة والرواية والمسرحية وبات كل ما يكتب في الأيام الماضية يطلق عليها مصطلح “الإسكندري” حيث كان القصاصون أو الشعراء يدونون معالم المدينة الجديدة.
بينما تابع الأديب عبود حديثه عن العصر الوسيط وما سيطر عليه في بدايته أطلق عليها “السنكسة” ويعني سيرة الشهداء أو القديسين مؤكداً عدم انطباق الأدب على الواقع فالواقع أحرف أبجدية والأدب يضيف ويحذف كما يحلو له وفي المرحلة الأولى من العصور الوسطى ظهر أدب الفروسية والشهامة فأتت رواية الفروسية بأوربا، أما المرحلة الثانية فضجت الناس من الاضطهاد ومحاكم التفتيش نافياً أن يكون هناك أدب اسمه أدب التفتيش ولا أدب يسايره وإنَّما قصص الحب سادت في قسمه الثاني وأكبر مثال طرحه رواية أوكسان ونيكوليت كتبوا عنها ويطلق عليها أدب الإسكندري.
بينما التحولات الكبرى بدأت فيما بعد في الأسلوب اليوناني الواقعي وخير من تناولها في أعماله المسرحي والكاتب فرحان بلبل حيث تحكي عن خيال بلغة واقعية رومانسية وليست قصة تخيل إذ تتمتع الروايات الواقعية بها وقد اتجهت الرومانسية كرد فعل على الصناعة فظهرت التحولات في الأدب ومنها روايات لا مارتين وإميل زولا ورافيل مستخدمين أسلوبهم الساخر.. خاتماً بأن ثورة المعلوماتية الأخيرة قلبت العالم رأساً على عقب.
رئيس اتحاد الكتاب العرب الدكتور محمد حوراني اعتلى المنصة وراح يتحدث نهاية المحاضرة بأنه يجلس إلى جانب أستاذ يفخر به فقد تعلم منه وقرأ له الكثير وقال إنه لا يكتب بأي جنس أدبي بل يقدم بحوثا ودراسات أكثر لكنه يتذوق الأدب وبعض كتب الأديب عبود استهواه ومنها كتابه “عدم الاتصال الأدبي” ولا يمكن إلى حد كبير أنَّ نجد مترجماً كاتباً أديباً يتحدث الانتصار الأدبي ما يعني وجود أديب ترجم من أدواته بكل ثقة ومنافس حقيقي لابل الأقوى من الانتصار السياسي وتأسست عليه امبراطوريات وقامت بسببه حروب ودول عديدة.. منوهاً أن عبود امتلك أدواته بإتقان شديد ربما لا يمتلكه إلا القلة القليلة من كتاب وباحثين يعيشون بيننا.
من جهتها رئيس فرع حمص لاتحاد الكتاب أميمة إبراهيم قدمت خلال حديثها تساؤلات ترى كنا حالمين عندما نكتب آملين أن نستطيع من خلال الكتابة تحقيق الكثير ومدى استطاعتنا بالكتابة على الوحوش النائمة في دواخلنا أثناء رفعنا رايات الأدب والفنون عالياً ونتمثل قيم الحق والخير والجمال، مؤكدة أن الناقد حنا يعتبر أهم من قال الشعر وله مؤلفات عديدة في النقد والفكر والفلسفة والسياسية والأدب والترجمة.