الثورة أون لاين – ترجمة ميساء وسوف:
أعلن الرئيس الأمريكي جو بايدن ورئيس الوزراء البريطاني بوريس جونسون ورئيس الوزراء الأسترالي سكوت موريسون عن شراكة دفاعية جديدة بين دولهم ستزود أستراليا بغواصات جديدة تعمل بالطاقة النووية، تمثل الاتفاقية المعروفة باسم UKUS، تحدياً واضحاً للصين في منطقة المحيطين الهندي والهادئ وتعميق العلاقات العسكرية بين الحلفاء المقربين لأكثر من قرن، ولكن ماذا يعني ذلك؟.
أولاً: سيكون لها تداعيات جغرافية إستراتيجية، لأنها تقوي بشكل ملموس أقرب علاقات التحالف التي تشترك فيها الولايات المتحدة مع حلفائها في كل من المحيطين الهندي والهادئ وأوروبا، المملكة المتحدة وأستراليا على وجه الخصوص، وذلك لتطوير القدرات البحرية و القيام بدوريات في بحار المحيط الهادئ من خلال التعاون حول أحد أكثر أنظمة القتال حساسية.
ثانياً: سيكون لها تداعيات عسكرية عملياتية، مما يعزز قدرة التحالفات التي تقودها الولايات المتحدة لردع” التقدم العسكري الصيني” حتى مع استمرار القدرات الصينية في التطور، وسيتضمن أحد المعايير الرئيسية لهذا التحالف الثلاثي الجديد وصول الغواصات الأمريكية إلى البنية التحتية للدعم الأسترالي، وبالتالي تعزيز الموقف الدفاعي العالمي “المتشابك” للولايات المتحدة وحلفائها. بالإضافة إلى ذلك ستعمل هذه المبادرة أيضاً على تعزيز التعاون الصناعي الدفاعي الوثيق بالفعل بين الولايات المتحدة وأستراليا والمملكة المتحدة بشأن بعض التقنيات الرئيسية التي ستكون ذات أهمية قصوى للفعالية العسكرية المستقبلية، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي والإنترنت و قدرات الضربات الدقيقة بعيدة المدى.
بعض النقاد يقولون إن الصين سترد، وأن هذا سيؤدي إلى سباق تسلح جديد، والحقيقة الواضحة هو أن هناك اتجاها منذ عقود، وازداد في عهد شي جين بينغ، حيث بدأت الصين تطور التكنولوجيا الفائقة، مما أدى إلى تفوق القدرات العسكرية المتقدمة لديها في جميع المجالات. ولهذا فإن معايير الطوارئ العسكرية المحتملة في منطقة المحيطين الهندي والهادئ تشير إلى أن الولايات المتحدة وحلفاءها لديهم الكثير من العمل للقيام به من أجل دعم موقف رادع ضعيف في سياق التقدم السريع لجيش التحرير الشعبي الصيني.
وتعتبر أستراليا من أقرب حلفاء الولايات المتحدة، فقد قاتلتا جنباً إلى جنب لأكثر من قرن في الحربين العالميتين الأولى والثانية وفي كوريا والعراق وأفغانستان. والآن من خلال هذه الصفقة، تقف مرة أخرى جنباً إلى جنب مع واشنطن ضد الصين.
وفي مؤتمر صحفي استمر أقل من اثنتي عشرة دقيقة، تغير المشهد الدفاعي الأسترالي، وكذلك العلاقات بين أستراليا وواشنطن والمملكة المتحدة، وكان الخط الرئيسي هو AUKUS (يُطلق عليها ORCUS)، “شراكة أمنية ثلاثية جديدة معززة”، عنوانها “غواصات تعمل بالطاقة النووية لأستراليا”.
في الولايات المتحدة تظهر رغبة إدارة بايدن الأساسية في تمكين الحلفاء الرئيسيين باستخدام التكنولوجيا العسكرية المتقدمة وهي خطوة كبيرة إلى الأمام في العلاقة بين واشنطن وأستراليا، أما بالنسبة للمملكة المتحدة، فإنها تعطي مصداقية لتوقعاتها الاستراتيجية الجديدة “لبريطانيا العالمية” وتعتبر خطوة كبيرة إلى الأمام بالنسبة لصناعة الدفاع البريطانية والعلاقات مع أستراليا والولايات المتحدة.
من منظور القدرة البحتة، فإن الغواصات من فئة الهجوم التي تعمل بالطاقة النووية لا تحتاج إلى تفكير بالنسبة لأستراليا.. فأستراليا تمتلك بالفعل بعضاُ من أكثر الغواصات التقليدية قدرة في العالم، لكن صعوبات فترات العبور الطويلة إلى مناطق العمليات الرئيسية والقيود المفروضة على الغواصات التقليدية لطالما ابتُليت بها استراتيجية الدفاع الأسترالية. وقد كانت الغواصات من فئة الهجوم التي تم إلغاؤها الآن، والتي كانت قيد التطوير مع فرنسا، أكبر غواصات تقليدية في العالم.
إن المؤتمر الصحفي القصير يترك لنا مجموعة من الأسئلة، فهل هناك أي مقايضة في المستقبل القريب من أستراليا لموقف القوة العالمية للولايات المتحدة أو المملكة المتحدة؟، كم ستكلف هذه الغواصات وكم ستستغرق من الوقت حتى تدخل الخدمة؟، هل ستستند إلى تصميم الولايات المتحدة أو المملكة المتحدة؟، كم من الوقت سيستغرق بناؤها؟، ماذا حدث للصفقة مع فرنسا وهل سيؤدي ذلك إلى انتكاسة للعلاقات الإستراتيجية الثنائية الأسترالية الفرنسية؟.
في حين أن هذه الأسئلة تحتاج إلى إجابة في الوقت المناسب، إلا أن الرئيس بايدن اختصر الإجابات في المؤتمر الصحفي عندما أشار إلى هذه الصفقة “اليوم خطوة تاريخية”.
سيخلق الإعلان المفاجئ عن صفقة AUKUS صدمة في باريس، التي وقعت عقداُ مع أستراليا في عام 2017 بشأن تسليم الغواصات، والذي ألغته كانبيرا هذا الأسبوع للانضمام إلى الولايات المتحدة والمملكة المتحدة.. وندد وزير الخارجية الفرنسي، في بيان صريح بالقرار ووصفه بأنه “مخالف لنص وروح التعاون بين فرنسا وأستراليا”.
وعشية نشر استراتيجية الاتحاد الأوروبي في المحيطين الهندي والهادئ، ومع بروز باريس باعتبارها الفاعل الاستراتيجي الرئيسي للاتحاد الأوروبي في المنطقة، فإن هذه الخطوة ستشكل ضربة للاستراتيجية عبر الأطلسي في المنطقة وتخلق عقبة دائمة في العلاقات الأمريكية الفرنسية. وفي حين أن الدوافع في الولايات المتحدة قد تكون تجارية في المقام الأول، إلا أنه تم النظر إلى عقد الغواصة الأسترالية هذا في باريس كجزء من جهد استراتيجي أكبر في المنطقة، وسيشجع بلا شك أولئك الموجودين في باريس الذين أعربوا عن شكوكهم بشأن العلاقة مع الولايات المتحدة.
المصدر: Atlantic Council