لعله من الملاحظ اليوم أن أي سلعة يتم التركيز عليها، وإظهار محاولات متابعة أسعارها، والسعي لضبط احتكارها في الأسواق المحلية، نجدها وخلال زمن قصير تختفي من الأسواق وتصبح أسعارها مضاعفة وغير قابلة للنقاش، ولعل مادة السكر هي آخر نموذج يمكن الحديث عنه في سياق ما أشرنا إليه.
فمنذ أن بدأت خطوات “التجارة الداخلية وحماية المستهلك” لضبط بعض حالات الاحتكار، دخل المواطن في دوامة جديدة لتأمين مادة السكر بعد أن أصبح البيع على البطاقة الالكترونية بواقع 3 كيلو لكل بطاقة.
وخلافاً لكل التصريحات التي تقول إن المادة متوفرة في مختلف منافذ بيعها، إلا أن الواقع يشهد بما لا يدع مجالاً للقول بأن عدداً من تلك المنافذ والصالات تفتقد لمادة السكر، الأمر الذي زاد العبء على المواطن وعلى العاملين في الصالات والمنافذ التي يتوفر فيها السكر، فظهرت من جديد حالات الازدحام والتدافع على كوى بيع تلك المادة.
وبالنهاية ماذا جنى المواطن، لا شيء سوى مزيد من التعب والجهد للبحث عن صالة يتوفر فيها السكر ومن ثم جهد إضافي وانتظار للفوز بمخصصاته، التي بالكاد تكفي الأسرة لمدة أسبوع أو عشرة أيام في أحسن الأحوال.
ما نود قوله هنا إن التعامل مع الأسواق بات بحاجة إلى ثقافة جديدة بعد أن أثبتت التجارب اليومية وعلى مدى سنوات أن الآليات الحالية غير قادرة على فرض إيقاعها على الأسواق، فقوى السوق التي تركت لزمن طويل تتحكم بالسوق، وصلت إلى مرحلة الاستحكام الكامل ولم تعد تستجيب لما يخالف توجهاتها في تحقيق المكاسب المستمرة في زمن قصير.
إن ترك الكثير من المواد الأساسية في أيدي حفنة من الموردين ساهم في خلق بؤر احتكار ما لبثت أن تنامت على تخومها بؤر استغلال تتكئ في سلوكها على ما ينتج من تبعات الاحتكار وخاصة رفع الأسعار المستمر والمتواتر بدون أي مبررات.
لذلك قد يكون من الأجدى توفير البيئة الأنسب لأجواء التنافس الصحيح بين مختلف الداخلين في لعبة السوق من موردين ومنتجين وتجار جملة ونصف جملة ومفرق، وكلما زادت المنافسة بين هؤلاء كلما عكست على السوق مزيداً من الانضباط والتوازن من دون تدخل مباشر من الرقابة وأدواتها.
حديث الناس -محمود ديبو