طريق جنيف.. وما بعده

ثورة أون لاين-رئيس التحرير عـــلي قــاســـــــم:
بعد أن هدأت لغة المنابر بلهجتها التصعيدية ومفرداتها الإلغائية، تشتعل على المقلب الآخر حرب المداورات والتسريبات والتكهنات، وتمتد في الأروقة الممتدة من مونترو إلى جنيف وما بينهما، وهي تمارس سطوة مسبقة تحاول أن تصادر الأجواء، وأن تملي شروطها وتبرز القطب المخفية فيها.

وفيما يفترض أن تملي طاولة المفاوضات في جنيف إيقاعها اليوم، فإن المعطيات الأولية لا تشي بذلك ولا تنحو باتجاهه، وسيكون من الصعب عليها أن تحول دون أن تنتقل عدوى التصعيد إلى الأوراق التي تفردها، حيث تتمترس على الضفة الموازية لها أجندات ولوائح مسبقة الصنع تحاول أن تمرّر بعض تلك الأوراق من خلف الطاولة وأحياناً من تحتها.‏

في لغة التحليل، تبدو الصورة واضحة تتحرك وفق معطيات ترجح كفة الاصطفاف السياسي، وتمارس دوراً إيحائياً يميل إلى الهدوء ومنع الاشتباك تحت أي مسمى، لكنها في قراءة المعطيات تبدو أبعد من ذلك، وهي تواجه عصفاً سياسياً وذهنياً قائماً على لعبة التفاضل في الوقت والأولويات التي يراد من خلالها إعادة خلط الأوراق قبل أن تستقر على حال.‏

وسط هذه الأجواء من الصعب الجزم بأن اللغة التي سيطرت على مدى اليومين الماضيين ستتراجع أو تقلّ أو تهدأ، وسط عواصف من التحليلات المتسرعة والاستنتاجات المتعجلة في محاولة محمومة للخلط بين الممكن والمستحيل، ولا تتردد في جمع الشتاء والصيف تحت سقف واحد وفي لحظة واحدة.‏

ومن ثمّ, فإن محاولات التعطيل مستمرة، والعراقيل التي حالت دون انعقاد المؤتمر في مواعيده السابقة لا تزال تتهدده، وكما كانت كلمات رعاة الإرهاب عبوات متنقلة في القاعة السويسرية في مونترو، هي كذلك قائمة في أمر العمليات المفتوح إلى من يمثلون المعارضة اصطلاحاً مع واشنطن والرياض والدوحة وأنقرة، حيث بدأت التسريبات تتحدث عن تلك العبوات المضمرة في الطروحات التي تتبناها داخل قاعة المفاوضات بحكم أن المرجعية التي تتلقى عبرها تعليماتها هي الدول الداعمة للإرهاب والتي أوكلتها أصالة وبالنيابة.‏

لذلك لا بد من وضع النقاط على الحروف وسط هذا التموج والصخب المتعمد في التصريحات والتسريبات، فما عجزوا عنه بالإرهاب لن ينالوه بالسياسة، وما فشلوا به بالصراخ والاستنساخ، والتصعيد والوعيد لن يحققوه بالتسريب والتأويل والتدوير، وكما أصابهم صمود السوريين أمام الحرب الكونية وكل اشكال العدوان بالخيبة، فإن الإرادة السياسية التي يمتلكها السوريون المفاوضون ومن خلفهم الشعب السوري ستضاعف خيبتهم وستراكم عجزهم، وكما اضطروا للجلوس على الطاولة سيضطرون للأخذ بما يريده السوريون في نهاية المطاف طال الزمن أم قصر، وكلما قصر وفّروا على أنفسهم المزيد من الخيبة وعلى سادتهم المزيد من الحرج.‏

لا نضيف إلى معلوماتهم إذا قلنا إن من يدعمهم لم ينفعهم، حين نصّبهم ناطقين باسم الإرهاب، ولن ينفعهم الآن ولن يتردد في رميهم حين تحين اللحظة، وتبدأ الاستدارة الأميركية والعالمية.‏

جنيف.. يفتح لهم الباب ولو كان موارباً، وهو فرصة ربما كانت الأخيرة، وهي كذلك.. ولن تتكرر، فكما الميدان فرض معطياته، فإن السياسة تحضر أوراقها، جنيف.. يختصر الطريق بالعودة إلى الوطن حتى لو بدا طويلاً أو متعرجاً، فمهما كان الطريق إلى العواصم الغربية وإلى الفنادق سهلاً وقصيراً، فلن يكون أسهل من طريق الوطن ولا هو أقصر.‏

a.ka667@yahoo.com

آخر الأخبار
تشويه للأبنية واعتداء على الحقوق.. كيف نقبل غياب القانون وحماية المخالفات العمرانية في دمشق!؟ المباني الخضراء.. مبادرات لمستقبل أكثراستدامة في العقارات سوريا الحديثة والعمق الخليجي.. ستة أشهر ترسم ملامح المستقبل نقيب المهندسين لـ"الثورة": نسعى لتأمين مسكن أخضر آمن حركة نشطة مع بداية افتتاح معبر العريضة الحدودي مع لبنان البنوك الإسلامية.. فعالية أفضل لدورها بالاقتصاد خبير سوداني : لاقت قبولاً في السوق السورية وقفة احتجاجية لموظفي كهرباء إدلب المفصولين تعسفياً: "نحن أصحاب حق" السيارات تحتل الأرصفة والشوارع .. قريباً نقل المكاتب الى الدوير لتنظيم عملها حوادث السير في سوريا الموت المجاني .. سرعات زائدة وضعف بالبنى التحتية الصين توفر وجبات مدرسية لـ30 ألف طالب في "الزعتري والأزرق" بالأردن 6000 شقة معلّقة في حلب.. التعاون السكني يعود إلى الواجهة باخرة فوسفات خامسة بحمولة 28 ألف طن إلى رومانيا لا انقطاع بالمحروقات في السويداء جنيف .. قرار تاريخي يعزز الحضور الفلسطيني في المنظمات الأممية لحظات توزيع الجلاء المدرسي.. فرح ووداع محفور في القلوب بعد إعادة فتح معبر العريضة..حركة كثيفة لعائلات سورية إلى بلدهم مستشفى "المجتهد" .. يصرخ تحت الضغط طاقة تشغيل تفوق 100 بالمئة.. وكوادر مرهقة بلا إمكانات عسكرة إسرائيلية للمساعدات.. والأزمة الإنسانية تتفاقم في غزة تغيير جذري في سياسة الولايات المتحدة تجاه سوريا ودعم اندماج "قسد" في الدولة الشيباني يترأس وفداً حكومياً إلى قطر: تعزيز العلاقات الثنائية وتوسيع آفاق التعاون