الثورة أون لاين- ترجمة ميساء وسوف:
حيثما تذهب الولايات المتحدة، يتبعها الكثير من العالم الغربي، طوعاً أو على مضض وذلك حسب الظروف، فمنذ الأيام الأولى لرئاسته، بدأ جو بايدن في الإشارة إلى أن الشرق الأوسط لم يكن من بين أهم اهتماماته، ونتيجة لذلك كانت المنطقة تغرق في جدول الأعمال السياسي للاعبين الرئيسيين مثل الاتحاد الأوروبي والدول الأعضاء فيه.
وقد صرح مستشار مقرب من بايدن لمجلة بوليتيكو مؤخراً: “إذا كنت ستدرج المناطق التي يراها بايدن كأولوية، فإن الشرق الأوسط ليس ضمن المراكز الثلاثة الأولى، وهذا يعكس إجماعاً من الحزبين على أن القضايا التي تتطلب اهتمامنا تغيرت مع عودة المنافسة بين القوى العظمى “، كان يعني من دون شك صراعاً قادماً بين الولايات المتحدة والصين ، وربما أيضاً روسيا.
ويُعتبر انسحاب القوات الأمريكية الفوضوي من أفغانستان، بغض النظر عن العواقب، من قبل الأصدقاء والأعداء على حد سواء دليلاً على عدم اهتمام بايدن النسبي بمستقبل المنطقة، وقد تعزز هذا التصور عندما أبلغ بايدن رئيس الوزراء العراقي مصطفى الكاظمي مؤخراً أنه ينوي إنهاء المهمة القتالية للولايات المتحدة في العراق أيضاً، وسحب جميع القوات الأمريكية بحلول 31 كانون الأول.
وقد أصدر معهد كاتو، وهو مؤسسة فكرية عالمية رائدة، ما أسماه مخططاً لفك ارتباط الولايات المتحدة تماماً بالشرق الأوسط: “إذا كان بإمكان بايدن إنهاء مشاركة أمريكا لمدة 20 عاماً في حرب غير ضرورية، فلماذا لا يُنهي أيضاً احتلال أمريكا لمنطقة ذات أهمية والذي استمر لأكثر من 40 عاماً؟”.
لم يجد المؤلف أي سبب من حيث المصلحة الذاتية لأمريكا للانخراط مع الشرق الأوسط بأي وسيلة سوى الدبلوماسية. وبالفعل، يبدو أن هناك القليل من المزايا السياسية التي يمكن جنيها من المشاركة المباشرة في الصراعات والكوارث الاقتصادية التي تعصف بالمنطقة.
على سبيل المثال يوصف الوضع في اليمن بأنه أزمة إنسانية، والأمة على شفا المجاعة، كما أدى انتشار الفقر والاضطرابات الاقتصادية الداخلية إلى وقوع لبنان وسورية والعراق وليبيا في نطاق الكارثة.
فلبنان يشهد تراجعاً حراً منذ أن بدأت الأزمة المالية في أواخر عام 2019، حيث يكافح حوالي ثلاثة أرباع السكان في الحصول على الكهرباء والوقود والأدوية، كما أن ليبيا لا تزال ساحة معركة بين مجموعة من الميليشيات المتنافسة منذ عام 2015.
وفي أول خطاب له أمام الجمعية العامة للأمم المتحدة في 21 أيلول تجاهل بايدن تماماً الفوضى التي تجتاح الكثير من الدول في الشرق الأوسط، حيث كرس خطابه للمسائل التي تلوح في الأفق والتي يمكن أن يطلق عليها اسم “العناصر الثلاثة”، فيروس كورونا، وتغير المناخ، والصين، فهو أشار إلى الانسحاب الأمريكي من أفغانستان، ربما للإشارة إلى نيته التخلي عن نوع التدخل المباشر في الشرق الأوسط الذي ميز السياسة الخارجية الأمريكية لعقود طويلة.
وينعكس التغيير في أولويات السياسة الأمريكية على الخط الإداري، فقد قام مستشار الأمن القومي جاك سوليفان بتقليص حجم فريقه المخصص للشرق الأوسط وتوسيع الوحدة التي تنسق سياسة واشنطن تجاه منطقة المحيطين الهندي والهادئ، كما عين وزير دفاع بايدن، لويد أوستن، ثلاثة مستشارين خاصين بشأن القضايا الرئيسية الجديدة.. كوفيد، وتغير المناخ، والصين.
وأيضاً يعتمد ما إذا كان بايدن قادراً على التمسك بنيته في خفض مستوى تورط بلاده في الشرق الأوسط بشكل حاسم على كيفية تعامله مع المواجهة مع إيران، ويبدو أنه سيتخلى عن قرار الرئيس السابق دونالد ترامب الانسحاب من الاتفاق النووي الإيراني، حيث وصف سوليفان العودة إلى خطة العمل الشاملة المشتركة على أنها “أولوية مبكرة حاسمة”.
وبعد سلسلة طويلة من المواقف بين واشنطن وطهران، صرح وزير الخارجية الإيراني حسين أمير عبد اللهيان للصحفيين في 24 أيلول أن إيران ستعود إلى المحادثات بشأن استئناف الامتثال للاتفاق النووي الإيراني لعام 2015 “قريباً جداً”، واتهم إدارة بايدن بإرسال رسائل متناقضة بأنها تريد إعادة الانضمام إلى الاتفاق النووي لعام 2015 مع فرض عقوبات جديدة على طهران، وقال إن حكومته تعتقد أن بايدن “لا يزال يحمل في قلبه الملف السميك الخاص بعقوبات ترامب ضد إيران، حتى أثناء متابعة المفاوضات “.
المصدر: Eurasia Review