الثورة أون لاين – أديب مخزوم:
بدأت الفنانة التشكيلية زويا قرموقة حياتها الفنية بالرسم الواقعي، ثم تحولت إلى الصلصال الخزفي الناري، ولا تزال تعود بين الحين والآخر إلى صياغة اللوحة الفنية، برؤية مختصرة تعبر عن تطلعاتها المشرقة نحو الحداثة، حيث تقدم في لوحاتها تجربة يظهر فيها صوغ تلويني وتقني متحرر من قيود اللوحة الواقعية، وسبق وشاهدنا مشاركات لها في بعض المعارض الجماعية، ومن ضمنها بعض المعارض التي أقيمت في ثقافي كفر سوسة، مثل اللوحة التي تناولت فيها حرائق الغابات، والتي طالت الحصان الذي جسدته في مقدمة اللوحة، ولوحة العشاء الأخير، التي قدمتها في معرض قوس قزح ، وتميزت برمزيتها المبسطة والمختصرة إلى حدود التجريد اللوني بعناصر بيضاوية ملونة، مشغولة بدقة وبتدرجات لونية مختلفة، تعلوها إسقاطات نورانية مشعة إلى حدود البياض اللوني، وهذا ما عبرت عنه بقولها: بدايتي مع الفن كانت في انجذابي للألوان، وتباين الظل والنور، دائماً يلفتني الضوء الهارب إلى تفاصيل الطبيعة وأثره على الألوان على البريق والعمق، الطريقة التي يحيل بها السطح إلى كتلة والكتلة إلى فراغ..
وعن بداياتها تقول: بدأت من انتسابي لمعهد وليد عزت للفنون التطبيقية الذي نلت منه شهادتي الرسم والخزف.
إعجاب الموجهين لي كان الشرارة الأولى، ليتبعها إعجاب الجمهور العام، الأمر الذي عمق الثقة داخلي للاستمرار.
وفي قطعها الخزفية باتت المعالجة التشكيلية الخارجة عن المألوف المطروح في السوق الاستهلاكي، فالقطعة الخزفية تأخذ قيمتها التشكيلية والفنية، من عناصرها المرتبطة بثقافة فنون العصر. وهكذا تقوم باستخدام مواد تلوينية نارية، تظهر فيها زخارف ورسوم عفوية فنية تستفيد من معطيات الفن الخزفي التشكيلي الحديث، فتقدم عناصرها الفراغية، التي تكسر من خلاله السياق الكلاسيكي، في خطوات الوصول إلى قطعة خزفية حديثة ومعاصرة. ليس عبر شكل القطعة الخزفية فقط، وإنما أيضاً من خلال إدخال بعض الأشكال والرموز المرسومة بتلقائية وعفوية على جوانبها، (في أحداها، قدمت قطعة خزفية تحتوي 14 رمزاً لكل محافظة سورية)..
وعن تنقلها بين الرسم والخزف تقول: بطبيعتي أميل إلى السكينة، ويزعجني الضجيج، لذلك تأتي أعمالي هادئة ومريحة في تناسقها، إن كان في ألوان الرسم ومنمنمات الحجر، أو في تشكيل الكتلة الخزفية، أتأثر جداً بالحالة الزمانية والمكانية والمزاجية، التي تحتضنني مع تقاطع لتصوراتي الخاصة حول الموروث التاريخي والميثولوجي للإنسان..
وهي تحول في أحيان كثيرة سطح القطعة الخزفية التعبيرية – الرمزية، من خلال محافظتها على الخط الجمالي المتجدد لهذا الفن، وبذلك تساهم في إيقاظه من ثباته العميق للوصول إلى تداعيات ما ترسخ في الوجدان من جماليات فنية حديثة، فمن السهل أن يتعلم طالب المهنة صنع الأشكال الخزفية الجاهزة، بعد فترة من المراقبة والتدرب، أما الوصول إلى درجة من الابتكار، فيحتاج إلى موهبة ومهارة وخبرة وثقافة متجددة.
ولهذا تقدم أشكالاً خزفية مغايرة، ووحدات مختلفة عن الوحدات التقليدية لصناعة الأشكال المطروحة في السوق الاستهلاكي التجاري.
وهذا يعني أن القطع التي تقدمها زويا، ليست صناعة مهنية وإنما هي ميدان فني يتاح فيه لموهبتها بالبروز وتطلعاتها الفنية بالظهور، ضمن نزعة إحيائية نقية، مفتوحة على معطيات وتوجهات الفن الحديث والمعاصر، ولهذا يمكن القول إنها تعتمد في تشكيلاته الفراغية الرشاقة والحيوية، ضمن نزعة إحيائية تراثية يفتقر إليها الحرفي أو الخزاف العادي.
وعن حبها للبحر والطبيعة والتشكيلات النباتية وأثرها على أعمالها تقول:
الفن هو الإنسان بكل مراحله وألوانه النمطية، ليس هناك إنسان غير معني بالفن، لكن الشغف والبحث هما اللذان يحيلانه إلى فنان، أثر الفن الذي لم يجد منافساً على مر العصور، وحتى وقتنا الحاضر، يجعله الروح الخالدة للإنسانية والمؤرخ الأصدق.
وعن الصعوبات التي تعترض العاملين في مجال الخزف تقول: إن تكاليفه الباهظة باتت ترهق الفنانين الممارسين له، حتى باتت المعارض الخاصة به وملتقياته شبه معدومة، والمشاركون ضمنها محدودون، وأغلب الأعمال تتسم بالتطبيقية الحرفية، هذا الفن الحضاري التراثي، يستحق قدراً أكبر من الاهتمام والدعم الممنهج والأكاديمي، من قبل المؤسسات المعنية، فهو غني بالتقنيات والمدارس والأسرار، التي تنقص أغلب فناني الخزف.
وتضيف زويا: كل عمل أنجزه يعنيني جداً من سيقتنيه، مع إيماني أن الفن ينطلق من روح الفنان ويكتمل باستقراره في وعي الجمهور.
وأنا أعمل وفقاً لاندفاعي الروحي الذي يجعل إنتاجي قليلاً مقارنة بغيري، وهو ما ينعكس سلباً على مشاركاتي في المعارض، التي أحرص أن يتسم وجودي فيها بفكرة مختلفة وملفتة.