أجابتني جارتي التي بدأت بمشروع صغير قبل سنتين أي قبل موجة جنون الأسعار وانعدام القدرة الشرائية، عن سؤالي لها كيف مازلت صامدة ولم تغلقي المحل: بأن التعاون وتبادل الاحتياجات مع جيرانها في السوق والمورّد الذي يرسل لها البضائع هو سبب بقائها صامدة كما وصفت هي حالة عدم الإغلاق.
فالمورّد يكتفي بالمبلغ القليل الذي تسده أسبوعياً أو شهرياً، وصالون الحلاقة المجاور تقص صاحبته وتصبغ شعرها وشعر بناتها، مقابل قطعة ملابس تشتريها، أو تنتظرها ليتوفر المبلغ المطلوب، أيضاً تعمل على تحويل الخضار من محل جارها بالسوق والتي بقيت للمساء إلى مؤن نظراً لرخص القيمة، منها عصير البندورة، أو دبس الفليفلة، أو تفريز الذرة، وغيرها، وهكذا تمضي الأمور حتى هذه اللحظة بتعاون كل من في السوق، يضاف إليه ما تحيكه من قطع (كروشيه) للصديقات وبعض المعارف.
يمكن القول إن التحايل على الظروف الصعبة، وإيجاد حلول مؤقتة ليس بالأمر البعيد المنال، ويمكن الحصول عليه بالمبادرة مهما كانت صغيرة، وبالتعاون مهما كان بسيطاً، جميع الأسر وأصحاب المهن المتعثرة يفكرون بأن هذا الظرف لابد أن يمضي، وبانتظار تحسن الاقتصاد والوضع المعيشي لا بد أن يتعاونوا ويتكافلوا.
لكن نعلم جميعاً أن هذه الحلول آنية، ولا تنجح في جميع البيئات، وقد يفشلها غلاء جديد بالأسعار، فلن يستطيع المورّد القبول بمبالغ قليلة، ولن يستطيع بائع الخضراوات التغاضي أو التريث لتسديد ديونه.
تسعى الأسرة لإيجاد حلول، وتبادر لتنفيذها، لكن في ظروف خاصة في صعوبتها كالتي تعيشها اليوم، لابد من تدخل قوي للحكومة لتقوية هذه الحلول واستمرارها، وقد يكون أولها وقف ارتفاع الأسعار.
عين المجتمع -لينا ديوب