انطلق، بالأمس، معرض الكتاب.. وانطلاقته هي فعل حياة وإنعاش بالنسبة للكتاب.. بما فيه من معاني تفعيل وتنشيط لفعل القراءة..
فلماذا نقرأ..؟
السؤال الذي يستوجب سؤالاً آخر قبله، هو: لماذا نكتب..؟
“الكتابة هي فعل أن تقول (أنا)”..
في مؤلّفها “لماذا نكتب”، طرحت ميريديث ماران هذا السؤال على عشرين من الكتّاب لتأتي إجاباتهم متنوعة ما بين أسباب تتعلق بالذات أو أسباب تتعلق بالآخر والعالم الخارجي للكاتب.
ضمن كتابه “في اختراع العزلة” ذكر الروائي الأميركي بول أوستر أن “كل كتاب هو صورة للعزلة”..
وكأننا نخترق عزلة الكاتب حين نُقبل على قراءة منجزه..
ألا يخترق هو الآخر عزلتنا؟
فتختلط العزلتان بمساحة مشتركة.. مساحة تقاطع لحينٍ من الوقت..
والنتيجة خلطة من أفكار تشاغب لخلق طاقة جمال لدى المتلقي.. أو توسيعها إن وجدت.
أليست الكتابة فعل جمال متعدد الاتجاهات ومتعدّي المفاعيل؟
كل أفعال الإبداع، والكتابة واحدةٌ منها، هي أفعال جمال متعدّية ذلك التعدّي المرغوب والمحبوب.. تتعدّى على ذائقة المتلقي لتصيّرها بتموجات جمالية لامحدودة.. فتحرك الساكن داخله..وعداً لمزيد من نشاط الأفكار والتالي الأفعال.
مشاغبات أفعال الجمال تلوّن أوقاتنا وتصيرنا كائنات أكثر حياةً، ألقاً، وقدرةً على عيش الحب والجمال.. وبالتالي الاستمرار..
وكأننا نزرع داخلنا بذرة جمال.. تنمو كلما سقيناها بالكثير من متابعاتنا لمختلف فنون الإبداع..
فلماذا نقرأ..؟
لماذا نكتب..؟
لماذا نتابع السينما والمسرح..؟
لماذا نصغي إلى نغمات موسيقية مرّات متعدّدات..؟
لماذا تجذبنا لوحة فنية دون غيرها.. ما الذي يفعله بنا خليط الألوان منتهياً على هيئة لوحة نتأمّلها دون أن نكون قادرين على مغادرتها..؟
مختلف فنون الإبداع تخلق داخلنا حماسة العيش.. والكتابة تحديداً تخلق فينا حماسة التفكير.. لأننا ننشغل لدى قراءة كتاب بأفكار الكاتب مباشرة.. وربما التصقت بنا ونمت داخلنا.. تعرّش.. وتتكاثر إلى خلية من أفكار لا تهدأ..
القراءة فعل تنقيب داخلنا، قبل أن تكون فعل تنقيب داخل الآخر/الكاتب.. وبذلك تصبح أداة لنحت ذواتٍ نشتهي الوصول والركون إليها.
رؤية – لميس علي