ثورة أون لاين – بقلم رئيس التحرير: علي قاسم
يفتتح الأميركيون موسم التناغم في تظهير علاقتهم الدافئة مع الإرهاب في أكثر فصول العالم صقيعاً، رغم المخاوف الحقيقية من التمدد الذي يطرق أبواب الغرب كما فعل باتجاه الشرق،
وتتوالى حلقات التواصل فيه من أعلى الهرم الأميركي ممثلاً بالرئيس أوباما، وصولاً إلى القاع الممثل بالمندوب السامي القادم من حواشي التاريخ بصفته آمراً للائتلاف مروراً بزعيم دبلوماسيته، وليس انتهاء بشرذمة من أتباعه وهواة الخدمة المجانية للأميركي.
ولعل هذا التناغم بما يمليه من إشارات استفهام كبرى، وبما يطرحه من أسئلة محورية، يعيد إلى الواجهة الدور الأميركي السري والعلني في دعم الإرهاب، سواء كان مباشراً أم عبر وكلائه الإقليميين والغربيين.. بالأصالة عن نفسه أو وكالة عن ممول الإرهاب العالمي، وهو يأتي في توقيت يُستدل منه الغاية التي يحركها في اتجاهاته المختلفة على مستويات العمل السياسي والإعلامي والاستخباراتي، وصولاً إلى الميداني والدعائي.
الواضح مبدئياً، أن أميركا قررت التخلي عن الحذر من الإعلان عن وقوفها وراء العقبات والعراقيل التي تهدد مؤتمر جنيف، وانتقلت إلى الزج بنفسها مباشرة لتكون طرفاً معلناً وصريحاً في المواجهة بعد أن شعرت أن الكفة لم تمل فحسب، بل باتت راجحة في الاتجاه الآخر، بما يصعب على أحد أن يعيد إليها توازنها دون تدخل أميركي مباشر، حيث المؤتمر يكاد يختتم جولته الأولى دون أن يتمكن أتباعها داخل قاعات جنيف من نسف المؤتمر.
فائض الحاجة الأميركية اليوم لا يقتصر على تداعيات ما ارتد من تبعات تخليها عن اللعب من خلف الستار، حيث هناك فائض في الدجل والنفاق والازدواجية المقيتة في التعاطي مع المسألة على نحو لم يسبقها إليه أحد، حيث انتقلت في التعاطي معه من القاعات المغلقة إلى المساحات المفتوحة التي اعتادت فيها أن تغرّب وتشرّق دون حسيب أو رقيب، بحكم تفردها في الهيمنة على الساحة الدولية على مدى العقدين الماضيين.
اليوم، لا تصلح القاعدة ذاتها للتعامل، بعد أن سجلت أميركا انكفاءً صريحاً أفسحت من خلاله المجال للقوى العالمية الأخرى العائدة من رحلة تغييبها وتحديداً القوة الروسية، لتسجل حضوراً وشراكة حصرية في المساحات المفتوحة كما هي في القاعات المغلقة، وبالتالي، فإن المقامرة الأميركية في نسف المؤتمر الدولي بهذه الصفاقة السياسية تحمل على أكتافها إشعالاً متعمداً للمواجهة مع روسيا قبل غيرها، ورسالة تحدٍ من بوابة نسف الجهود لتعود إلى المربع الأول.
ما يقتضي التوقف عنده، أن المجاهرة الأميركية بدعم الإرهاب، ليست جديدة، ولا هي تقتصر على تخصيص مبالغ الكونغرس الأميركي لتزويد الإرهابيين بالأسلحة، بقدر ما تتضمنه الرسالة الأميركية في توقيتها من تحدٍ للمجتمع الدولي واصطفاف سياسي على ضفة الإرهاب بشراكة معلنة وواضحة وجلية، وهذا ما استدعى استنفاراً في الدوائر الهامشية المرتبطة بحكم التبعية للقرار الأميركي، كي تبدأ سباقها العلني وفي مقدمتها السعودية التي تتفرغ لرعاية الإرهاب وتوحيد أجنحته كما وحدت أذرعه!!
على المقلب الآخر، لا تبدو القوى الأخرى وتحديداً الروسي منها أقل امتلاكاً لفائض الأوراق والأدوات في المواجهة، وخصوصاً بعد أن راكم منها الكثير بعد انطلاق مؤتمر جنيف، ويراكم دون توقف، وروسيا حين تقتصر في جانبه العملي على مجموعة من التصريحات الرافضة لدعم الإرهاب، لا تخفي تحضيراتها للدخول في طور مختلف وقد بدأته من النصيحة بعدم التعامل مع الإرهابيين، ولا ننتظر أن ينتهي عند التلميح والتصريح، بل يبدو أن أرضيته مهيأة بما يكفي ليأخذ كامل أبعاده في المواجهة التي أعلنتها واشنطن.
ولا يجادل أحد في أن روسيا تستند في فائض أوراق القوة تلك على ما وفرته الرؤية السياسية الواضحة لسورية، والإيجابية التي تعاملت بها والحرص الحقيقي على إنجاح المؤتمر واستيعاب كل محاولات التملص وسحب فتيل عبوات التفخيخ الموازية التي قامت بها أميركا مباشرة أو عبر وكلائها وأتباعها.
a.ka667@yahoo.com