تتسارع الخطوات الإيجابية لجهة عودة الانفتاح العربي والدولي على دمشق، بعد التبدل الواضح في الأجواء السياسية الدولية تجاه التعاطي مع الأزمة في سورية، بفعل المعادلات الميدانية والسياسية التي ترسخت على أرض الواقع، ولا شك بأن تسارع وتيرة هذا الانفتاح يعكس عجز الولايات المتحدة التي قادت الحرب الإرهابية عن تحقيق أهدافها الاستراتيجية في المنطقة عبر البوابة السورية، وتؤكد أيضاً بأن سورية قطعت شوطاً كبيراً في تثبيت حضورها القوي والفاعل والمؤثر في مختلف القضايا الراهنة – عربياً وإقليمياً ودولياً.
غني عن القول بأن الحراك السياسي الإيجابي نحو دمشق، ليس بمعزل عن وجود تفاهمات عربية ودولية وإقليمية، بضرورة إعادة العلاقات مع سورية بهدف إعادة الاستقرار والتوازن الاستراتيجي للمنطقة ككل، نظراً لمكانتها ودورها المحوري في رسم الخريطة السياسية للمنطقة في ظل الهزائم التي تواجهها المخططات الأميركية، وجنوح الولايات المتحدة نحو الانسحاب التدريجي، وهذه القناعة يعززها فشل المشروع الصهيو-أميركي باستهداف سورية وإضعافها وتقسيمها رغم ضراوة الحرب الإرهابية التي شنت ضدها.
الولايات المتحدة بدأت تسلم بواقع هزيمة مشروعها، حتى وإن عبرت عن قلقها من مسار عودة الانفتاح العربي والإقليمي والدولي نحو دمشق، فهذا التعبير عن الرفض والقلق لا يعدو عن كونه محاولة لطمأنة حلفائها المعارضين- ممن ما زالوا يراهنون على عكازهم الإرهابي- لمسألة استعادة سورية تعافيها السياسي والاقتصادي، فهذا الحراك السياسي المتسارع يحظى بموافقة ضمنية أميركية، ويكفي أنه خرق واضح لقيود ما يسمى “قانون قيصر”، حتى نعلم بأن صمود سورية، وانتصاراتها المنجزة، تفرض على الولايات المتحدة التراجع خطوات إلى الوراء.
مشهد كسر طوق العزلة التي حاولت دول منظومة العدوان فرضه لزيادة مفاعيل الضغط والابتزاز السياسي على سورية، يرافقه كثرة الحديث العربي بشأن عودتها إلى “الجامعة العربية”، وهذا ما تمليه الضرورة العربية الحتمية في هذه المرحلة، والتأكيد العربي بهذا الخصوص نابع من رغبة العرب في العودة إلى سورية بعد أن كانوا قد عزلوا أنفسهم عنها وعن دورها المحوري، وفي ذلك تصحيح لخطأ تاريخي كبير ارتكب بحق سورية، لأن عودتها فيها مصلحة عربية في المقام الأول، فهي لم تتخل يوماً عن انتمائها العروبي، أو دعمها للقضايا العربية رغم شراسة الحرب الإرهابية، وهي أحد أبرز المؤسسين لهذه (الجامعة) التي لن يكون أي قيمة أو وزن من دون سورية.
نبض الحدث- بقلم أمين التحرير ناصر منذر