الثورة أون لاين – حمص – رفاه الدروبي:
جمعت أمسية أدبية لفيفاً من مثقفي المجتمع المحلي بحمص ضمَّه حفل توقيع مجموعة كتب عددها 22 كتاباً تمَّ انتقاءُ عددٍ منها حمل عنوانها “شعراء حمص المهجريين” إعداد وتقديم وضبط الدكتور حسان أحمد قمحية وقد بذل جهوداً مضنية ودؤوبة في البحث العلمي للحصول على المعلومات الموثقة احتضنته القاعة الأثرية في رحاب مطرانية الروم الأرثوذكس في أحد شوارع حمص العتيقة.
رأى الدكتور حسان أنَّ الأدب المهجري متميّز من جوانب متعددة لنشأته في ظروف وبيئة لم يدرج عليها الشعراء العرب على مرّ التاريخ، إذ حمل هموم الوطن وقضايا الأمة في جزء مهم منه وكان في جزء آخر في حالة تأمُّل الكون والإنسان والحياة وما بين الجزأين أكمل الشعراء طريقهم في صياغة أدب جميل لايزال الدارسون يحتفون ويكتبون عنه ويتغنّون بجماليَّاته لافتاً إلى الظروف السياسية والاجتماعية والاقتصادية في بلاد الشام خلال الاحتلالين العثماني والفرنسي لم تكن على ما يرام ما دفع بعدد من أبناء البلاد إلى مغادرتها سعياً وراء أرزاقهم ومنهم أبناء حمص.
الدكتور حسان طرح خلال حديثه أوائل الشعراء الحمصيين أنَّهم لم يكونوا على علم ومعرفة بلغة البلاد وعاداتها وتقاليدها عندما هاجروا إليها وخاصة الأمريكيتين لكن سرعان ما اندمجوا مع محيطهم مثل غيرهم من المهاجرين وعملوا بنشاط وقاسوا المشقّات دون يأس ولا إحباط، منوّهاً أنَّ الهجرة بدأت في الثلث الأخير من القرن التاسع عشر دون أن يكون لهم أثر أدبي يذكر في البداية وازدادت مع بدايات القرن الماضي وكانت تتراجع أو تزيد حسب الظروف السياسية والأوضاع الاجتماعية وبلغت أوجها عام 1913م وقلَّت بعد الاستقلال وزوال العوامل الداعية إلى الهجرة.
كما بيّن أنَّ حياتهم الأدبيّة لم تعد سوى ومضات ضئيلة فكان حظهم من الثقافة يسيراً لا يساعد على القيام بأنشطة أدبية أو اجتماعية جادة ومعظمهم كانوا أميين يبحثون عن الكسب والرزق فقط ولكن نهاية القرن التاسع عشر أخذت جموع أخرى من المهاجرين الجدد ترفد قوافل السابقين حاملة معها طلائع من المتعلمين راحوا يبدون اهتماماً بشؤون الفكر والأدب والاجتماع فشكّلوا النواة الأولى لما أطلق عليه مصطلح أدب المهجر أو الأدب المهجري ومن جملة ما دأب المغتربون تشجيع الأدب وتكريم أعلام بلادهم ونشر روح الوطنية والعروبية فيما بينهم ويعود الفضل لتأسيسهم نوادي وملتقيات ضمت عدداً من المغتربين منهم خليل ديب وشفيق فرح ومدحت غُراب وداوود شكّور ونظير زيتون إضافة إلى تأسيسهم جمعيّات للمحتاجين والمرضى وجرى تعاون بين كافة الفئات وقاموا بفتح المدارس العربية آخذةً دورها في تعليم أبناء المغتربين لغتهم الأصليَّة وبجهود فرديّة.
ثم تطرّق إلى تناوله الكثير من الأبحاث والدراسات في المجال ذاته ركَّزت على أعلام مُعيَّنين فيه بينما لم تحفل بكثير من بقية أعلامه فلم تستدرك على دواوين بعضهم في حين أغفلت بعضهم الآخر إغفالاً تاماً منهم الأديب بدري فركوح وجورج أطلس وسليمان ربوع وبترو الطرابلسي وغيرهم، مبيّناً أنّه عكف على استكمال ما فات من دواوين مهجريّه مشهورة وكان أهمها “الأرواح الحائرة” لنسيب عريضة و”أوراق الخريف” لندرة الحداد و”أمواج وصخور” لميشيل مغربي و”أوتار القلوب” لنبيه سلامة فضلاً عن ديوانَي حسني غراب “أناشيد الحياة” ونصر سمعان وجمع شعر من لم يصدر له ديوان أمثال بدري فركوح وسلوى سلامة وموسى الحداد وبترو الطرابلسي، ومهَّد لكل الدواوين بمقدمة مطولة عن حياة الشاعر وسيرته الأدبيّة وخصائص شعره وأخرج دراستين مفصّلتين لكلّ من النتاج الشعري لحسني غراب ونصر سمعان.
بينما وقف عند النثر لدى الأديبة سلوى سلامة وسعى إلى تحليله وتفصيل أنواعه بشيء من الدراسة والتحليل الموجزين وأصدر كتاباً خاصاً بالموضوع نفسه وفهرس شعر المهجريين حسب البحور والقوافي وضبط النصوص الشعريّة بالشكل وشرح المفردات الغريبة أو غير المألوفة وكان هدفه الرئيسي إحياء نتاج شعراء المدينة ولفت الانتباه إلى أدبهم وتوفيره للمهتمين كي يكون مادة متاحة للدراسة والبحث.