الجهود الحثيثة التي تبذلها الدولة السورية، وإلى جانبها روسيا، لإعادة اللاجئين والمهجرين بفعل الإرهاب إلى مناطقهم ومنازلهم، تؤكد مدى حرص الدولة على إعادة جميع أبنائها إلى حضن الوطن، والذي هو بأمس الحاجة لجهودهم خلال المرحلة القادمة، وهي مرحلة إعادة البناء والإعمار، بعدما تم دحر الإرهاب عن أغلبية المناطق التي سيطر عليها مرتزقة الغرب الإرهابيون.
لا شك في أن معالجة هذه القضية الإنسانية تبدأ من الأسباب الأساسية لها، وفي مقدمتها الإرهاب والجرائم الممنهجة التي ارتكبتها التنظيمات الإرهابية بإيعاز من مشغليها، طوال سنوات الحرب الإرهابية الماضية، إضافة للحصار الغربي الجائر الذي تفرضه الولايات المتحدة وأتباعها الأوروبيون، وسياسة الترهيب النفسي التي تمارسها تلك الدول لمنع المهجرين من العودة إلى بلدهم، وربط هذه العودة بشروط سياسية، بعيدة عن كل المعايير الإنسانية والأخلاقية.
فالمهجرون، هم موالون لوطنهم، ومتمسكون بخياراتهم الوطنية، وهذه الحقيقة تجلت بأبهى صورها خلال الانتخابات الرئاسية الماضية، والتي سبقتها عام 2014، حيث الحشود الكبيرة للمهجرين في الخارج، والتي توافدت إلى صناديق الاقتراع في المراكز المحددة بدول الاغتراب أذهلت العالم، وأعطت الصورة الأبلغ لمدى تشبث السوريين بوطنهم، والتفافهم حول قيادتهم السياسية، ووقوفهم خلف جيشهم البطل الذي يحارب الإرهاب نيابة عن العالم، ولكنهم هربوا من الإرهاب، ومن القتل والخوف من التنظيمات الإرهابية التي عاثت خراباً وفساداً، وهربوا كذلك بسبب تدمير بيوتهم ومنازلهم، والبنى التحتية لمدنهم وقراهم التي استهدفها الإرهاب، وقوات الاحتلالين الأميركي والتركي، وهؤلاء المهجرون يحدوهم الأمل الكبير بالعودة السريعة، بعدما تم تطهير مناطقهم من رجس الإرهاب، وعملت الدولة السورية على إعادة الحياة إلى طبيعتها في تلك المناطق.
الدولة السورية لم تألُ جهداً في سبيل إعادة اللاجئين والمهجرين، وهي اتخذت ولم تزل، الكثير من الإجراءات لهذا الغرض، بدءاً من توفير البنية التحتية والخدمية اللازمة للمعيشة في المناطق المحررة، ودعم المشاريع الصناعية والزراعية التي تساعد أهالي المناطق المحررة على الإنتاج وتحسين مستوى معيشتهم، وصولاً لتهيئة البيئة التشريعية المحفزة للعودة وتسوية الأوضاع القانونية، وإصدار مراسيم عفو ولاسيما مرسوم العفو رقم 13 لعام 2021 الذي يمثل الخطوة الأكبر والأهم لتشجيع عودة المهجرين، لكن العائق الأكبر يتمثل بوجود بعض بؤر الإرهاب تحت الحماية التركية والأميركية من جهة، وبمتاجرة الغرب بهذه القضية الإنسانية من جهة ثانية، حيث لم تزل منظومة الإرهاب والعدوان تستخدم هذه المتاجرة الرخيصة كإحدى الأوراق الضاغطة المكملة لسياسة العدوان تجاه الحكومة السورية، وهذا ما تعكسه سياسة فرض العقوبات الظالمة، وتوسيع مروحتها باستمرار، وهو ما يؤثر في مسألة عودة اللاجئين.
البقعة الساخنة- بقلم أمين التحرير ناصر منذر