لم يكن الوجود العسكري الأميركي غير الشرعي في سورية مخالفاً للقانون الدولي فحسب، بل إنه مخالف حتى للقوانين الأميركية، وخاصة الدستور الذي يحكم استخدام القوات العسكرية الأميركية في حالة الحرب وخارج الحدود أيضاً.
والتشكيك الذي قدمه مؤخراً ثلاثون مشرعاً في الكونغرس الأميركي من الحزبين الديمقراطي والجمهوري يؤكد من جديد أن الإدارات الأميركية تنتهك جهاراً نهاراً القوانين الدولية والمحلية على حد سواء، وإن وجود قواتها في الأراضي السورية عدوان صريح على سيادة الدولة السورية وهي بذلك تتجاوز تفويض الكونغرس الأميركي الذي تم اعتماده في عام 2002 والذي خول حينها الرئيس جورج بوش الابن بشن حربه العدوانية على العراق عام 2003 واحتلاله تحت مزاعم كذّبها المسؤولون الأميركيون أنفسهم فيما بعد.
ولا يمكن فهم التدخل الأميركي العدواني ضد سورية بهذا الشكل، إلا من باب التزام إدارات البيت الأبيض بحماية تنظيماتها الإرهابية والانفصالية من “داعش” إلى “قسد” إلى كل التنظيمات التكفيرية المتطرفة التي تنفذ المخطط الإرهابي الأميركي في سورية والمنطقة، إضافة لحماية الكيان الصهيوني المستفيد الأول من هذه الحرب الإرهابية العدوانية.
وتحاول إدارة بايدن الإبقاء على “تفويض” الكونغرس باستخدام القوة العسكرية لتبرير اعتداءاتها المستمرة في سورية والعالم، بالرغم من أن مجلس النواب الأميركي أيَّد في حزيران الماضي إلغاء هذا “التفويض” المثير للجدل الذي تستخدمه الولايات المتحدة شماعة لشن حروبها وغزواتها الخارجية.
وفي هذه الحال إذا لم يتحرك الكونغرس وخاصة مجلس الشيوخ لإنهاء العمل في “التفويض” المذكور، ستبقى الولايات المتحدة متورطة في شن الحروب ضد دول مستقلة وذات سيادة، في ظل عجز المجتمع الدولي عن إرغام واشنطن على الرضوخ للقانون الدولي وقرارات الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي التي جميعها أكدت وحدة أراضي سورية وسيادتها واستقلالها، فهل يفعلها مجلس الشيوخ وينهي هذا الجدل والفوضى؟ أم يترك الحبل على غارب أهواء الرؤساء الأميركيين المسكونين بالشرور والعدوانية، وبالتالي نشر الحروب والنيران دون أي قيود.
حدث وتعليق -راغب العطيه