الثورة- عبد الحليم سعود:
كان لافتاً ما أشار إليه الرئيس الجزائري عبد المجيد تبون خلال زيارته لتونس حول ضرورة لمّ الشمل العربي، وتأكيده أن لمّ هذا الشمل يستلزم إعادة سورية إلى الجامعة العربية وتفعيل دورها، فهو تأكيد من رئيس دولة عربية محورية على أهمية دور سورية في العمل العربي المشترك والتعاون والتنسيق بين الدول العربية، وهو إدراك منه على أن غياب سورية عن هذه المؤسسة قد أضعف وهمَّش دورها كثيراً في السنوات العشر الماضية، وترك آثاراً سلبية لا يمكن تجاهلها.
عودة الوئام بين الدول العربية، وهو هدف للرئيس الجزائري الذي تستضيف بلاده القمة العربية القادمة، هو ضرورة ملحة جداً في الظروف الدولية الراهنة، حيث يشهد العالم ملامح صراعات كبرى بين دول عظمى ومحاور عالمية إلى جانب بروز تكتلات وتحالفات جديدة على الساحة الدولية، ومن الأولوية بمكان أن ينتهز العرب هذه الفرصة ليكون لهم حضور مؤثر وفاعل في مجمل الأحداث التي تحيط بهم أو تعنيهم بشكل مباشر، ولا شك أن الجميع أدرك اليوم أن سنوات “الربيع العربي” الأسود قد ألحقت ضرراً كبيراً بالكثير من الدول العربية وبالعلاقات العربية نتيجة غياب التفاهم والتعاون والتنسيق بينها، حيث تم تعليق عضوية سورية بصورة غير قانونية.
أن يأتي حديث الرئيس الجزائري من تونس وخلال لقاء مع الرئيس التونسي قيس سعيد الذي تشهد بلاده حركة إصلاحية نشطة فلهذا دلالة كبيرة ومهمة لأن الدولتين مؤثرتين في المغرب العربي، وبإمكانهما فعل الكثير على الساحة العربية، فالجزائر تتمتع بموقع جيوسياسي مهم في شمال أفريقيا، وأما تونس فقد سبق لها أن لعبت دور الحاضن للعمل العربي المشترك في خلال أكثر من عقد من الزمان بعد توقيع مصر لاتفاقية كامب ديفيد، وإذا ما تم التنسيق بين تونس والجزائر من جهة، ومصر من جهة ثانية فستكون قمة الجزائر محطة في عودة العلاقات العربية العربية إلى نشاطها المعهود، وطي سنوات الخلاف والانقسام والتفرد بالقرارات العربية من قبل بعض الدول.
استعادة سورية إلى الجامعة العربية هو مكسب لكل العرب قبل أن يكون مكسباً لسورية، وقد دفع العرب أثمان استبعادها عن الجامعة باهظاً، إذ لا أحد يستطيع أن ينكر على سورية وهي “قلب العروبة النابض” الدور المحوري الذي كانت تلعبه في مختلف القضايا العربية والدولية قبل أن تشن عليها هذه الحرب الإرهابية، ومن واجب العرب أن يعملوا معاً على مساعدة سورية من أجل التعافي من آثار الحرب والحصار الظالمين لتكون قوة وسنداً حقيقيا لهم في كل المحافل الدولية، فباستطاعتها أن تساهم بحل الخلافات العربية العربية، والخلافات العربية مع بعض دول الجوار، وأن تدفع العمل العربي إلى مستوى قياسي بالنظر لما تمتلكه من موقع جيوسياسي ورؤية صائبة وعلاقات متقدمة على المستوى الإقليمي والدولي.
كل الأمل أن تتكلل جهود الجزائر، بلد المليوني شهيد وصاحبة العلاقات المتوازنة مع معظم الدول العربية، بالنجاح وهي تسعى للم الشمل العربي من جديد، وقد تكون الفرصة اليوم مواتية أكثر من أي وقت مضى للمضي قدما في هذا الطريق، بسبب انشغال الولايات المتحدة – المؤجج الأكبر للخلافات والانقسامات العربية – بصراعاتها العالمية، في ضوء تراجع اهتمامها بمنطقة الشرق الأوسط لصالح مناطق أبعد