الثورة – لميس عودة:
لم يكن تحرير مدينة حلب حدثاً عادياً في روزنامة الانتصارات السورية على الإرهاب ورعاته ومشغليه الإقليميين والغربيين، بل شكل تحرير الشهباء من براثن الجماعات الإرهابية قبل سنوات خمس، البوصلة والهدي لإنجازات متتابعة ومتوالية امتدت على اتساع الجغرافية الوطنية، وانعطافة استراتيجية مهمة في معارك الحسم الميداني قلبت كل الموازين وأحدثت تغييراً مفصلياً في معادلة الحسم، صاغ أبجدية البطولة فيها بواسل جيشنا المقدام ونقشوها في سجلات المجد السوري.
ففي معارك حلب راهن رعاة الإرهاب العالمي كثيراً على أدوات إرهابهم، بعد أن زودوهم بمختلف صنوف و وسائل الإجرام والتدمير، فسقطت كل رهاناتهم على جنبات ومدرجات وأحياء حلب، كما راهنوا على إنهاك واستنزاف الدولة السورية وجيشها، لتأتيهم في كل مرة أنباء انتصارات الجيش العربي السوري كالصاعقة، ولتفرض الدولة السورية بكل اقتدار شروط المنتصر عند كل خروج مذل للإرهابيين.
إن انتصار الجيش العربي السوري في حلب بعد أربع سنوات من المعارك مع تنظيمات إرهابية حاولت استنزاف قدراته بدأت في أيلول عام 2012 هو انتصار تاريخي عظيم وإنجاز عسكري استراتيجي ضخم لجيشنا، وصفعة موجعة لصنَّاع الإرهاب العالمي ومشغليه، لا تقتصر على عودة هذه المدينة التاريخية والعاصمة الاقتصادية لسورية إلى ربوع الوطن مجدداً، بل تعدتها إلى أبعاد أعمق على كافة المستويات الإقليمية والدولية، حيث تمكنت الدولة السورية من خلال هذا الانتصار ضبط إيقاع المواجهة وامتلاك زمام الحسم والردع، إضافة لنسف المشاريع التآمرية على وحدة ترابها الوطني.
فتحرير حلب من نير إجرام الفصائل الإرهابية التي عاثت ترهيباً وتدميراً وبطشاً، لم يكن أمراً هيناً، فقد أعد مشغلو الإرهاب لمعارك منع تحريرها كل المستلزمات والوسائل الإرهابية ومكنوا الإرهابيين على الصعيدين العسكري واللوجستي، وأثاروا في المحافل الدولية زوابع تضليل وافتراء وادعاءات كاذبة لمنع تحريرها، فإبقاء حلب منطلقاً لشرورهم الإرهابية إلى كامل الاراضي السورية كان الهدف الأول لمصنعي الإرهاب ورعاته، وذلك لما للشهباء من أهمية جيو استراتيجية واقتصادية، إلا أن دقة التكتيك وبراعة التخطيط وصوابية الاستراتيجية السورية أسقطت أوهامهم وأنجزت التحرير، وأعادت حلب مطهرة من الإرهاب إلى أهلها ووطنها الأم.
لقد مرت معركة تحرير حلب التي أنجزت عام 2016 بعدة محطات مهمة أدت بمجموعها لاستكمال عقد التحرير الكامل نستذكر أهمها:
في20 شباط 2016 تمكن بواسل الجيش العربي السوري من استعادة المحطة الحرارية في ريف حلب الشرقي، وفي3 حزيران 2016 فك بواسل جيشنا الحصار عن بلدتي نبل والزهراء بريف حلب الذي دام 3 سنوات، وفي 27 تموز 2016 تم إحكام الطوق على الإرهابيين في الأحياء الشرقية لمدينة حلب والسيطرة على طريق الكاستيلو وبني زيد وحندارات.
ونتيجة الإنجازات البطولية المتسارعة لبواسل جيشنا استنفرت الفصائل الإرهابية وأعلنت عن معركة اسمتها “ملحمة حلب الكبرى” بتاريخ 31/07/2016، حيث شنت الفصائل الإرهابية المسلحة هجوماً إرهابياً على الكليات العسكرية جنوب حلب باستخدام الآليات المفخخة ودخلت إليها، بالإضافة إلى سيطرتها على مشروع الـ 1070 وإحداث ثغرة (ممر ضيق) من جهة الراموسة باتجاه الأحياء الشرقية، إلا أن بواسلنا الأبطال وحلفائهم أغلقوا الممر واستعادوا الكليات العسكرية بعد تكبيد التنظيمات الإرهابية 1300 قتيل بينهم أكثر من 40 متزعماً إرهابيا خلال المراحل السبع التي أطلقتها الفصائل الإرهابية في هذه المعركة.
وفي أيلول 2016 استكمل أبطال جيشنا استعادة مخيم حندرات والمنطقة المحيطة بعد اشتباكات عنيفة مع الفصائل الإرهابية التي كانت تسيطر على المنطقة وأبرزها (حركة نور الدين الزنكي) و(جبهة النصرة) الإرهابيتين.
– هدنة العشرين من تشرين الأول 2016
أعلنت الدولة السورية عن هدنة إنسانية في حلب مؤكدة أن توقف العمليات العسكرية من الساعة الثامنة صباحاً حتى الساعة الرابعة مساء هو لمرور المدنيين بحرية، ولإجلاء المرضى والمصابين ولخروج المسلحين، تلتها هدنتان أواخر الشهر ذاته وأول شهر تشرين الثاني، بعد تضييق الجيش العربي السوري الخناق على الإرهابيين في الأحياء الشرقية من حلب ومنحهم معابر آمنة للخروج من المدينة والسماح للمدنيين بالخروج، إلا أن المجموعات الإرهابية وفي مقدمتها جبهة النصرة رفضت الهدن ولم تسمح لأحد بالخروج أو بتسليم سلاحه.
وفي 20 تشرين الثاني بدأ الجيش العربي السوري وحلفاؤه عملية عسكرية واسعة لتحرير الأحياء الشرقية لمدينة حلب وتمكن من استعادة مساكن هنانو الأكثر تحصيناً والمشرفة على الأحياء الشمالية، وتم استكمال عزل القسم الشمالي في أحياء حلب واستعادة أكثر من 13 حياً خلال 72 ساعة وبمساحة 22 كلم مربعاً من أصل 45 كلم مربعاً، وهي كامل مساحة الأحياء الشرقية.
وفي 4 كانون الأول 2016 تم تأمين مطار حلب الدولي باستعادة السيطرة على مناطق السكن الشبابي- مساكن البحوث – حي كرم الطراب – كرم الميسر – جورة عواد – كرم الجزماتي وغيرها من الأحياء وسط انهيار في معنويات الإرهابيين، وتقليص مساحة سيطرتهم على الأحياء الشرقية.
وفي 11 كانون الأول 2016 تم تحرير حي الصالحين وباب المقام وإخراج آلاف المدنيين والتقدم باتجاه حي الدعدع، ثم تحرير حي الشيخ سعيد معقل إرهابيي جبهة النصرة في القسم الجنوبي وخط تحصينهم الأول الذي مهد سقوطه إلى انهيار باقي الإرهابيين واستعادة أحياء كرم الدعدع – الفردوس- الحلوم- بستان القصر – الكلاسة، وحصار الإرهابيين في مساحة لا تزيد عن 2% من الأحياء الشرقية.
وفي 22 كانون الأول 2016 تم إنجاز تحرير كامل مدينة حلب بعد إخراج ما تبقى من الإرهابيين في الأحياء الشرقية