افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – أحمد حمادة:
منذ بدء المحادثات الأولى في “أستانا” حول سورية في كانون الثاني 2017 وحتى الاجتماع المنعقد حالياً في العاصمة الكازاخية نور سلطان، فإن العناوين التي رسختها جولاتها المتتابعة هي ذاتها التي تضمنتها الثوابت السورية المعروفة، وبالمقابل كانت العراقيل الأميركية والتركية هي عينها التي رأيناها في جنيف، ولمسناها في سوتشي، وأدركها العالم كله في أي لقاء دولي يبحث الأزمة.
ثوابت سورية، حرصها على شعبها، بحثها الدائم عن حل سياسي يعيد الأمن والأمان والاستقرار إلى قراها ومدنها، التي عاث فيها المتطرفون قتلاً وتدميراً وإفساداً وفوضى هدامة، مكافحتها للإرهاب نيابة عن العالم، تكثيف جهودها لإيصال المساعدات الإنسانية إلى المدنيين الذين يعيشون المآسي في بعض المناطق بسبب إرهاب التنظيمات المتطرفة وسياسات واشنطن وأدواتها، كانت دوماً بعض عناوين سورية إلى محطات أستانا.
كما كان خروج القوات المحتلة من أراضيها كافة، واحترام سيادتها ووحدة أراضيها، وعدم التدخل في شؤونها الداخلية من قوى العسكرة والعدوان الغربي، ورفضها صياغة دستورها على مقاسات أطماع هذه الأخيرة ورياح أجنداتها، ومواجهة سياسات واشنطن وحلفائها التي تسعى لاستغلال الوضع الإنساني لتحقيق أطماعها الاستعمارية، عناوين ثابتة لسورية في كل جولات أستانا السابقة.
ولم تغب عن تلك الاجتماعات والحوارات مطالب سورية، وكذلك هو حال حليفيها الروسي والإيراني، بضرورة إنهاء الإجراءات القسرية الغربية الجائرة ضدها، وما يسمى “قانون قيصر” الظالم وغير الشرعي، والتوقف الأميركي عن ممارسة سياسات العدوان والابتزاز والإرهاب والتخريب، والكف عن ممارسة كل ما يزيد في معاناة السوريين، وإطالة أمد الأزمة، وإعاقة توطيد الاستقرار في مدنهم وقراهم.
وبمقابل ذلك كانت واشنطن، وعبر ذراعها التركي، وتنظيماتها المتطرفة، تحاول إفشال أي مخرجات لأستانا، وكان نظام أنقرة السباق للالتفاف عليها، وعلى تفاهماته مع موسكو، وكان البيت الأبيض يصر دوماً على إدخال المساعدات عبر الحدود وفق رؤيته وخططه، ولم يلتزم لحظة واحدة، لا هو ولا غيره، بالقرار 2585، في الوقت الذي تستمر فيه الدولة السورية بتقديم المساعدات لمحتاجيها من دون أي تمييز.
وفي موضوعي عودة المهجرين واللاجئين إلى مناطقهم الآمنة، والحفاظ على الهدوء في مناطق خفض التصعيد، قامت سورية بكل ما يلزم لتحقيق العودة، وتأمين الهدوء في تلك المناطق، ولا سيما في إدلب، إلا أن نظام أردوغان، ومن خلفه واشنطن، استمرا بالمتاجرة بمعاناة المهجرين ومأساتهم الإنسانية، وفي توتير الأوضاع في المناطق المذكورة، وتقارير المنظمات الدولية خير شاهد.
أستانا “السابعة عشرة” محطة أمل لكل السوريين لبناء غدٍ أفضل، يطوي فصول الإجرام والإرهاب، وينهي مسلسلات الانفصال والتغيير الديمغرافي وسياسات “التتريك”، ويوقف سرقة الثروات، محطة أمل بغدٍ آمن رغم تفخيخها من منظومة العسكرة بقيادة واشنطن وتنفيذ أدواتها.