الثورة – نهى علي:
صنّفت دراسات حديثة منطقة الساحل السوري، بأنها ذات خصوصية استثمارية نوعيّة، وأنها حافلة بالعائدات الدسمة فيما لو تم استثمارها بالطريقة المثلى التي تستحقها كمضمار استثمار بميزات يفترض أنها جاذبة.
بالتالي يرى معظم الخبراء الذين تطرقوا إلى أبحاث تخص هذه المنطقة، أن ثمة فوات فرص كبيرة هناك، ناتج عن عدم التأسيس لإدارة متكاملة للموارد التي تمتاز بها الواجهة البحرية الوحيدة لسورية.
وتشير أحدث المعطيات إلى التفاتة حكومية – لو متأخرة – باتجاه إعادة تخطيط استثمار الميزات الكامنة في هذه المنطقة، بالاستناد إلى أهم المقومات التي تنطوي عليها، إذ تعمل وزارة النقل بالتنسيق مع وزارة السياحة وهيئة التخطيط الإقليمي، على إعادة رسم الخارطة الاستثمارية للساحل السوري بحيث يشمل كلّ الفعاليات السياحية والإنتاجية والحفاظ على البيئة الطبيعية، وتصنيف المواقع المرشحة للاستثمار، وبالتالي تسويقها كمطارح للتوظيفات الاستثمارية ذات الجدوى.
يبدو من خلال الطروحات الدائرة في أروقة النقاش، أن ثمة نيّات لاستدراك الخلل الحاصل في ترتيب أولويات الاستثمار في هذه المنطقة، إذ تكتظ بعض المناطق بتوضع عشوائي غير منظم للشاليهات السياحية ذات الاستثمار الفردي الموسمي الذي لا يحقق العائدات التي تستحقها الاستثمارات السياحية في منطقة كهذه المنطقة.
كما يأخذ بعض الدارسين على التنظيم الراهن للشريط الساحلي، بأن الأراضي الزراعية تصل وتتصل إلى الشاطئ، وهي ذات عائدية زراعية قليلة بما أنها رملية فقيرة، ومن الخطأ أن تبقى بدون استثمارات حقيقية سياحية أو خدمية فعّالة في سياق الاقتصاد الكلّي.
ويشير بعضهم إلى دراسات سابقة – مهملة – اقترحت تحويل الواجهة البحرية إلى استثمارات فندقية وسياحية نموذجية، يتخللها شواطئ شعبية مفتوحة – بالطريقة التي تعمل عليها وزارة السياحة حالياً – ثم تحديد أماكن مستقلّة وواسعة الطيف لتكون مناطق حرّة مرفئية تحتوي على منشآت للتصنيع الزراعي بشقيه الحيواني والنباتي، لتصدير صناعات الميزة النسبية السورية، وصناعات أخرى نظيفة وخدمات تصنيعية لصالح الغير، ومستودعات تخزين تجاري تعنى بإعادة التصدير، ليكون لهذه المناطق إعفاءاتها وتسهيلاتها الخاصّة على غرار المناطق المرفئية في العالم.
وفي النسق الثاني…اقترحت الدراسات أن يتم تخصيص حيز لمجمعات تربية الأبقار على اعتبارها مناطق خضار دائم مناسبة لتربية الأبقار من السلالات المستوردة، التي تحتاج يومياً إلى كميات كبيرة من الأعلاف الخضراء – وقد ثبت فشل تجارب توطين هذه السلالات في المناطق الداخلية، بسبب اعتماد الأعلاف الجافة كخيار رئيسي لتربيتها – لتكون هذه المجمعات مجمعات امتداد لمنشآت تصنيع الأجبان والألبان والمشتقات الحيوانية ذات الرواج في الأسواق الخارجية.
أما النسق الثالث..فيكون للزراعات العلفيّة اللازمة لمجمعات الإنتاج الحيواني المكثفة مكانياً، على اعتبار أن المساحات صغيرة في منطقة الساحل وخصوصاً الشريط الساحلي، البالغ طوله حوالي 90 كيلومتراً.
في سياق متصل وبالعودة إلى التخطيط الجديد للمنطقة الساحلية، وزّعت مديرية الموانىء تقريراً، أشارت فيه إلى أن التعاون مع الأصدقاء الروس يحظى بجانب مهم من عمل المديرية، حيث عقدت عدة اجتماعات تمّ خلالها الاتفاق على البحث مع وزارة النقل على عدة نقاط، منها تطوير وتحديث محطة الراديو الموجودة في اللاذقية بما يتوافق مع متطلبات GMMDS، ومناقشة تطوير وتجهيز مركز البحث والإنقاذ بما يتوافق مع المتطلبات الدولية، كما تمّ عرض فكرة إجراء الصيانة الدورية وتجهيز مركز إدارة حركة مرور السفن في ميناء اللاذقية VTMS، وعرض الجانب الروسي تشجيع السوريين للحصول على شهادات بحرية من روسيا، مع التأكيد أن سورية تمنح شهادات بحرية، حيث إن لجنة السلامة البحرية قد أقرّت توافق سورية “اللائحة البيضاء” في مجال التدريب والتأهيل ومنح الشهادات البحرية، وطلب الجانب السوري بدلاً من ذلك توقيع مذكرة اعتراف متبادل بالشهادات.
بقي أن نشير إلى أن ملفّ الأملاك البحرية ما زال من ضمن الملفات الشائكة التي تجري معالجتها منذ سنوات، ولم يحصل تقدم يذكر فيه لجهة التشابكات الكثيرة التي تعتريه، إضافة إلى التعديات على الأملاك من جهة، والارتجال العشوائي للاستثمارات في الأملاك الخاصة، وفي كلا الحالتين يبدو هذا قصورا في إدارة أهم ملف استثماري جاذب.