الثورة – سلوى إسماعيل الديب:
النقد سلاح ذو حدين، فمنه نقد مرائي لا يضيف شيئا للعمل الأدبي، وأخر نقد حقيقي، يكشف مكامن الضعف في أي عمل أدبي، وكثير من المقالات الأدبية النقدية سلطت الضوء على عمل أدبي مغمور لم يلحظه أحد، فشهرته، نقف اليوم أمام أمسية أدبية نقدية للناقد”محمد الرستم” في رابطة الخريجين الجامعيين في حمص بعنوان “قراءة في أعمال الروائيين في حمص” حيث فصل وشرح ثلاثة أعمال روائية باحترافية عالية مبيناً مكامن الضعف، ومكامن الإبداع فيها وهي “الحب تحت إشعار أخر”و” عودة لوليتا” و”مدن ونساء”، هذا بعض ما ورد فيها:
يقول “رستم”: رواية “الحب تحت إشعار أخر”، هي التجربة الأول للشابة “رويدة تميم” ، أول قطاف لها على الورق، يندرج المنجز تحت عباءة الرواية الاجتماعية المخضبة بشيء من العاطفة الرومانسية المفجوعة بالفقد على خلفية ويلات الحرب، جاءت بقالب كلاسيكي.
اتخذت الكاتبة من علاقة حواء بأدمها محوراً لعملها هذه العلاقة المغمسة بأسرار كونية، وأبعاد نفسية وروحية متأرجحة بين مد وجزر منذ حكاية التفاحة…
الرواية بوضوح هي رؤية النتائج الكارثية للحرب، حيث رصدت الكاتبة منعكساتها على مناحي الحياة كافة فقد اعتمدت محور الحب كرمز وكناية لما يمت للحياة الإنسانية…
هذا واعتمدت الكاتبة عنونات جاءت كوقفات لمؤشر على منجز جديد تأخذه الرواية، واعتمدت الحوار الداخلي (المونولوج) في صيغة الغائب، لتؤكد أن الحرب غيبت كل شيء ، إذ لا حضور للأنا في مثل هذه الأجواء القاتمة، وكنقطة تحسب للكاتبة وانسجاماً مع رؤيتها فقد غيبت المرجعية المكانية ..
وأضاف: لقد عمدت الكاتبة إلى استنطاق الطاقة اللغوية الشعبية ، فحاولت أن تخلق منجزها على أجنحة الشعر (انزياحات – صور – استعارات) وهنا نقول : إن شفافية السرد ضرورية، على ألا تتحول الرواية إلى ديوان شعري .
وتناول تجربة الروائي “عبد الغني ملوك” في رواية “عودة لوليتا” بعد إجراء مقارنة بينها وبين رواية لوليتا للكاتب الروسي “فلاديمير نابوكوف”، قائلاً: إذ تناولنا رواية عودة لوليتا بمعزل عن مقارنتها برواية “لوليتا”، تظهر الرواية متقنة أجاد الكاتب في تشابك أحداثها، وتنامي الصراع الدرامي داخل أعماق شخصياته، مما يتناسب وتصاعد الحدث، كما حققت الرواية الإرضاء الجمالي..
و اختتم الجلسة الناقد “رستم” بقراءة نقدية لرواية “مدن ونساء” للروائي “عيسى إسماعيل”، قائلاً: ما يسميه الكاتب رواية هو في الحقيقة أقرب للقصة لقلة شخصياتها الفاعلة، وتضييق زوم الرؤيا للراوي من حيث شمولية التصوير، وقلة الخيوط المتشابكة، يحيل المنجز إلى نوع من القصة، وتندرج القصة تحت عباءة الواقعية الاجتماعية الوضعية..
وقد بنى الكاتب خطه السردي وفق خطين : خط المذكرات التي كتبتها عبير، وخط السرد الأساسي للأحداث، بتراتبيتهما..
إضافة لاعتماد الكاتب العنونات المتعددة لكسر رتابة التسلسل الزمني، ولسهولة الانتقال بالزمان والمكان، فقسَّم القصة إلى تسعة عشر مقطعاً..
وأخيراً جاءت القفلة مفاجئة صاعقة مناوئة واختارها مأساوية ليترك آثراً عميقاً في نفس القارئ، كما ترك بعض خيوط القصة مثقلة ليبقى القارئ في دوامة أسئلة تشده…
واختتم “رستم” قراءته النقدية أخيراً قائلاً: إن الروايات التي تناولتها تندرج تحت عباءة الرواية الكلاسيكية/الحكاية/ وبينهما وبين الرواية العالمية الحديثة التي بلغت مرحلة الرواية الواقعية السحرية أو العجائبية بينهما اختلاف كبير…
وفي نهاية المحاضرة جرى نقاش شيق بين الناقد والحضور، فأشارت الدكتورة الأديبة “رشا العلي” إلى ضرورة اقتصار الجلسة على عمل روائي واحد على أن يعطى صاحب العمل الروائي فرصة الرد والحوار حول العمل وكان لكل من الأديبين عيسى إسماعيل وعبد الغني ملوك مداخلة تتعلق بعمله الأدبي ..