الثورة – عبد الحليم سعود:
إلى جانب الجهد العسكري الكبير الذي بذلته روسيا بالتعاون مع الدولة السورية في محاربة الإرهاب بدءاً من أيلول عام 2015 حتى اليوم، والدور السياسي المهم الذي لعبته خلال مسار أستانا كأحد الأطراف الضامنة للحل السياسي في سورية إلى جانب إيران منذ كانون الثاني عام 2017، والمساهمات التي قدمتها في العامين الماضيين في إطار عودة اللاجئين السوريين ومهجري الحرب، حيث عُقد مؤتمران في دمشق حتى الآن، اضطلعت روسيا بدور سياسي واجتماعي وإنساني لا يقل أهمية عن الأدوار السابقة، وتجلى ذلك بتأسيس مركز المصالحة الروسي في قاعدة حميميم الجوية باللاذقية في 23 شباط عام 2016 وذلك للمساهمة في إنجاح جهود المصالحات والتسويات التي تقوم بها الدولة السورية في المناطق المحررة من الجماعات الإرهابية، وقد انعكست الجهود المشتركة للجانبين السوري والروسي إيجابا على مجمل المناطق المحررة.
المركز الذي تديره وزارة الدفاع الروسية، تنصب مهمته على جهود تحقيق السلام واستعادة الأمن والاستقرار في عموم سورية، وتنسيق وصول المساعدات الإنسانية إلى المناطق المحررة من الجماعات الإرهابية .
الناطق باسم وزارة الدفاع الروسية اللواء إيغور كوناشينكوف تحدث عن المركز عند الإعلان عن تأسيسه بأنه “مركز لتنسيق العمل، وللمصالحة على أراضي الجمهورية العربية السورية”، وقال إنه “سيسهم في التفاوض بشأن التصالح بين السلطات السورية و(فصائل المعارضة)، باستثناء تنظيمي جبهة النصرة وداعش الإرهابيين”.
أما الفريق أول يوري يفتوشينكو وهو يشغل حالياً رئيس المركز فيؤكد بأن المركز يعمل بشكل وثيق، ويدوّن الملاحظات الميدانية، ويجمع المعلومات من الحكومة السورية ومن المواطنين، ويستقبل معلومات من روسيا ثم يقوم بمعالجتها، لاستخدامها في إطار العمل لاستعادة الأمن والاستقرار في عموم الأراضي السورية.
وقد كان المركز شاهداً على توقيع العديد من اتفاقيات الهدنة ووقف إطلاق النار في العديد من المناطق في السنوات الماضية، كما استضاف وفودا من المعارضة الداخلية وممثلين عن بعض الجماعات المسلحة ومنها مليشيا “قسد” بهدف التفاوض وإحلال منطق المصالحات الوطنية والسلام في سورية بدل الحرب.
ويصدر المركز يوميا موجزاً تعريفياً بالمساعدات الإنسانية المقدمة من الجيش الروسي وتترواح بين المواد الغذائية والاغاثية والمخصصة للمدارس والمشافي والشأنين العلمي والتعليمي، ونشرة تتضمن أحدث المعلومات حول الجوانب غير القتالية لأعماله، وكشفا بأسماء أطراف “المعارضة” التي ترغب بالمصالحة.
ويتضمن عمل المركز أيضا تحييد المناطق الراغبة بالمصالحات والتسويات من الأعمال القتالية الضرورية لطرد الإرهابيين منها، تمهيداً لاستعادتها لكنف الدولة السورية وتسوية أوضاع المطلوبين فيها أو الفارين من الخدمة الإلزامية أو المسلحين الذين لم تتلطخ أيديهم بسفك دماء الأبرياء.
ومن المعروف أن الدولة السورية قد اعتمدت نهج المصالحة والحوار منذ بداية الأزمة في البلاد كي تجنبها الانزلاق إلى ما يخططه أعداؤها والمتآمرون عليها، وكانت السباقة في الدعوة إلى مؤتمرات تشاورية وحوارية منذ البداية على الأرض السورية، حرصاً منها على إبعاد أي تدخل خارجي في الشأن السوري، وعملت كل ما في وسعها كي يكون الحل سورياً وتحت سقف الوطن، إلا أن من تسمي نفسها “المعارضة” وهي المرتهنة لقوى وجهات خارجية اعتمدت أسلوب العنف والإرهاب وتنفيذ أجندات خارجية تتعارض مع المصالح الوطنية للسوريين فجرت البلاد إلى الدمار والفوضى.
يذكر أن مركز المصالحة الروسي قد لعب دوراً بارزاً في إنجاز اتفاق التسوية في غوطة دمشق الشرقية قبل ثلاثة أعوام حيث عادت الغوطة بكاملها إلى حضن الدولة السورية في مقابل خروج المسلحين الرافضين للتسويات إلى محافظة إدلب، كما شارك المركز الروسي في إنجاز المصالحات والتسويات التي جرت مؤخراً في محافظة درعا وغيرها من المناطق، ويعتبر هذا المسار من أكثر الملفات نشاطاً في سورية لأنه يساهم في إخماد نيران المعارك وتسوية أوضاع الراغبين بالمصالحة والذهاب إلى الحل السياسي السوري بأقل الأثمان.

السابق