الثورة – متابعة عبد الحميد غانم:
في الأسابيع الأخيرة الماضية، ركزت وسائل الإعلام قدراً كبيراً من اهتمامها على الرسوم الجمركية التي فرضها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، ولكن أحد الآثار المترتبة على تلك الرسوم، ولم يتم استكشافها على نطاق واسع حتى الآن، هو كيف يمكن لهذه الرسوم، من خلال تعطيل تدفقات التجارة، أن تشجع وتكثف العلاقات السياسية والاقتصادية بين دول مجلس التعاون الخليجي ودول أخرى في آسيا.
شراكات متجددة
وتسعى هذه الدول، مثل غيرها من القوى في مختلف أنحاء العالم، إلى إقامة شراكات متجددة لتعزيز مستقبلها السياسي والاقتصادي في ظل تنامي سياسة الحماية التجارية التي تنتهجها الولايات المتحدة، حيث قامت فيتنام والإمارات العربية المتحدة مؤخراً بتحديث علاقاتهما الدبلوماسية، في حين تعمل ماليزيا وإندونيسيا على تعزيز علاقاتهما مع المملكة العربية السعودية.
100مليون دولار
على سبيل المثال، ضخّ صندوق الاستثمار العام السعودي مبلغ 100 مليون دولار في شركة طيران آسيا الماليزية، كما أجرت إندونيسيا محادثات مع المملكة لتعزيز التجارة.
روابط اقتصادية
سلّط تقرير لافت صادر عن مؤسسة آسيا هاوس البحثية، نشر في موقع أوراسيا ريفيو، الضوء على الروابط الاقتصادية المتنامية بين آسيا والخليج، وهو ما أطلق عليه “التحول” الشرق أوسطي نحو آسيا يتضح من حقيقة أن قيمة التجارة البينية وصلت إلى مستوى قياسي بلغ 512 مليار دولار في عام 2022.
وكما أشار التقرير، فإن هذه الظاهرة الملحوظة كانت مدفوعة بالعلاقات الثنائية الكبرى، وكان أحد النتائج الرئيسية هو أن نمو التجارة بين الخليج والصين سيستمر في التفوق على نمو تجارة المنطقة مع الغرب.
وبافتراض أن العلاقات التجارية بين البلدين ستستمر في التوسع بمعدلات الفترة 2010-2023، فإن التجارة مع الصين سوف تتفوق على التجارة مع الغرب في عام 2027.
تقلب أسعار النفط
ومن المؤكد- حسب التقرير- أن هناك بعض المخاطر، بما في ذلك تقلب أسعار النفط، وعدم الاستقرار السياسي في الشرق الأوسط، والتوترات بين الولايات المتحدة والصين، وكلها قد تؤثر على التدفقات الاقتصادية العالمية.
ومع ذلك، فإن التحول الذي تشهده دول الخليج نحو آسيا لا يزال مستمراً، وهو ما تدعمه الآن الرسوم الجمركية التي فرضها ترامب، وسوف يستمر هذا التحول من الشرق الأوسط إلى آسيا، مدفوعاً إلى حد كبير بالهيدروكربونات، التي لا تزال تمثل نحو نصف التجارة بين الخليج وآسيا.
ومن المرجح أن تستمر هذه التجارة في الارتفاع حتى عام 2030، مع توسع استهلاك الطاقة في الصين والهند ودول رابطة دول جنوب شرق آسيا.
مجالات متعددة
ومع ذلك، هناك أيضاً مجالات رئيسة للتعاون خارج مجال الطاقة، بما في ذلك الذكاء الاصطناعي، والتقنيات المتقدمة، والبناء والبنية الأساسية.
ومن أبرز ما جاء في تقرير “آسيا هاوس” هو كيفية نمو التجارة البينية بين دول رابطة دول جنوب شرق آسيا ودول مجلس التعاون الخليجي، لتصل إلى مستوى قياسي بلغ 134 مليار دولار أمريكي في عام 2022، ومن أهم مكونات هذه التجارة بين المناطق العلاقة بين الإمارات العربية المتحدة وإندونيسيا، والتي تعززت في عام 2022 باتفاقية ثنائية في مجالات الطاقة النووية والاستثمار والخدمات المالية.