افتتاحية الثورة – بقلم رئيس التحرير – أحمد حمادة:
التسويات والمصالحات التي أنجزتها الدولة، ورسختها في أكثر من منطقة، وآخرها في دير الزور، وأرياف المحافظة المعطاء، والمستمرة حتى الآن، حققت الكثير، أمناً وأماناً وإنتاجاً واستقراراً، وبالبعد الإستراتيجي راكمت الكثير، نصراً على مشغلي الإرهاب، وطيّاً لأجندات المستعمرين ومتعهدي التطرف والكراهية، وأولهم الكيان الإسرائيلي المحتل.
فمَنْ مِنْ أقطاب العدوان على سورية، ممن أرهبوا شعبنا، ونشروا المتطرفين في ربوعنا، لم تزعجه تلك التسويات؟ وأولهم الكيان الإسرائيلي الغاصب، الذي أصيب بهستيريا غير مسبوقة، وهو يراها تتنقّل من ربا الجولان إلى سهول حوران، فكرّر عدوانه الآثم غير مرة على مواقع جيشنا الباسل في القنيطرة ودرعا، واعتدى على أهلنا الأبرياء هناك، محاولاً إفشال المصالحات، ومجهداً نفسه يائساً لدعم أدواته الإرهابية المنهزمة وبناء رافعة جديدة لهم، بعد أن استشعر الخطر على حدود فلسطين المحتلة.
أراد أن ينتقم من سورية، وأراد أن يلتفّ على إنجازاتها، فالمصالحات والتسويات قضّت مضاجعه، وعودة الأمن والأمان إلى ربوع المنطقة الجنوبية أربكت حساباته، وكبحت جماح مخططاته لفصل الجنوب عن وطنه الأم، وضم المزيد من أراضي الجولان إلى كيانه.
مَنْ منّا لم يستشعر في الأيام الأخيرة قلق الغازي التركي من التسويات، ومعه المحتل الأميركي وأدوات الأخير من متزعمي ميليشيا “قسد” الانفصالية؟ فقد ضيّقوا على أهلنا، وأغلقوا المعابر المائية بوجههم لمنع وصول أبنائهم من الريف والجزيرة إلى مركز التسوية في مدينة الميادين.
مَنْ مِن القريب، قبل البعيد، لم يرَ ويدرك أن التسويات ساهمت ببسط سلطة الدولة على أراضيها، ومن منهم لم يدرك أن إجراءاتها، التي أعادت تأهيل البنى التحتية والخدمية، واستجابت للاحتياجات الأساسية لأهلنا لتيسير عودتهم، قد رسخت الكثير من المعاني والعناوين، بدءاً من السلام المستدام، والأمن والأمان، ومروراً بإقلاع الزراعة والصناعة والإنتاج، وإعادة خدمات الكهرباء والمياه والهاتف ووسائل النقل، وافتتاح المدارس والأفران، وصولاً إلى عودة من تمت تسوية وضعهم إلى صفوف الجيش العربي السوري للدفاع عن تراب الوطن ضد الإرهاب والاحتلالين الأميركي والتركي، والنتيجة الحفاظ على وحدة سورية أرضاً وشعباً وصون استقلالها وسيادتها، وإنهاء حالة الفوضى والدمار والخراب الذي طال البشر والحجر في قرانا ومدننا ومزارعنا.
بقي أن نقول: ما كانت المصداقية عنواناً للتسويات لولا الاحتضان الشعبي الواسع لها، وما كانت لتنجح لولا أن السيد الرئيس بشار الأسد أعطاها أولوية، وما كانت لتتجذّر لو لم يكن أهلنا بخندق واحد مع جيشهم الباسل ودولتهم.
ما كانت التسويات والمصالحات لتتعمق، وتنتقل من قرية إلى قرية بخطا ثابتة، لولا أن الدولة مدّت يدها وفتحت ذراعيها لكل أبنائها، واحتضنتهم إيماناً منها بأنها الأم الحنون لجميعهم.
اليوم، مع التسويات في دير الزور وأريافها، ومع عام التفاؤل والأمل، ترتسم الابتسامة على وجوه أهلنا، ليعمّ الأمن والأمان بينهم، لعل الأيام القادمة تحمل معها الخير والبشائر لسورية وشعبها.