وزير الزراعة في حوار مفتوح مع صحفيي “الثورة وتشرين”: 166 مليار ليرة موازنة الوزارة لهذا العام منها ٥٠ مليار لصندوق دعم الإنتاج الزراعي.. أهمية الشراكة مع “الخاص” فيما يتعلق بالشركات التسويقية 23 يناير 2022
الثورة: متابعة غصون سليمان وثورة زينية ومريم إبراهيم
أكد وزير الزراعة والإصلاح الزراعي المهندس حسان قطنا خلال لقائه اليوم صحفيي مؤسسة الوحدة للصحافة والطباعة والنشر “صحيفتي الثورة وتشرين” أن الدولة أعطت الاهتمام الكافي للقطاع الزراعي منذ السبعينيات، حيث يشكل هذا القطاع قاطرة النمو الاقتصادي، لذا تمّ تشكيل المجلس الزراعي الأعلى، وتمّ الاهتمام في توجيه الموارد المائية واستصلاح الأراضي والتوسع في المساحات المزروعة وتأمين احتياج السكان من الغذاء عبر منظومة متكاملة تهتم بالمحاصيل الزراعية الأساسية من قطن وشوندر، وخضراوات وبطاطا وبندورة وزيتون، وحمضيات ولوزيات،عبر استصلاح الأراضي واستثمارها.
ولفت الوزير قطنا إلى أهمية التعاون مع اتحاد الفلاحين عبر القوانين المعتمدة لذلك ومنها “قانون التنظيم الفلاحي، وهو الأساس في التنمية”، وبتعاون جميع الجهات توصلت سورية إلى الاكتفاء الذاتي أولاً ولكن كان ذلك على حساب بعض الموارد، وكان يجب وضع إستراتيجيات زراعية واضحة، وانتقلت الحكومة إلى اعتماد مبدأ الأمن الغذائي الذي يعتمد على مبدأ توفير الاحتياجات مع الحفاظ على الموارد، مبيناً أنه منذ عام ٢٠٠٠ تم اعتماد إستراتيجية وطنية لتطوير القطاع الزراعي، وأخذت مسارات محددة لتحقيق الاستقرار في هذا القطاع، واستمر الوضع بشكل جيد لغاية عام ٢٠٠٨ وبعدها حصلت تغيرات مناخية أثرت في المجتمع الريفي، وبعد ذلك جاءت الحرب العدوانية على سورية، وما أحدثته من خراب في بنية القطاع الزراعي، فتم اتخاذ مجموعة سياسات وإجراءات لمعالجة المشاكل الآنية خلال الحرب، وبذلك استمر هذا القطاع بالعمل والإنتاج لاهتمام الدولة به وتوفير مستلزمات الإنتاج، وكان الفلاح هو العامل الرئيس الأول في استمرار هذا القطاع، مع توفير الغذاء والإنتاج.
وأوضح وزير الزراعة أن محصول القمح لم يتم استيراده إلا منذ عام ٢٠١٦ وبقي الإنتاج الزراعي يسير بحالة لا بأس بها، حيث انتقلنا إلى حالة أخرى من ارتفاع تكاليف الإنتاج ومستلزماته. فهناك ٦٠% من الآبار المحفورة للفلاحين المستثمرة تم تدميرها من العصابات الإرهابية المسلحة، والتعدي عليها وسرقة المحركات والمضخات وشبكات الري، حيث كانت الخطة الزراعية تعتمد زراعة 4.7 ملايين هكتار لم يزرع منها سوى مليون ونصف المليون هكتار مروي من مصادر الري كافة، سدود وشبكات ري وآبار خاصة، وما تبقى من المساحة عبارة عن زراعات بعلية ننتج منها خمسة ملايين طن فقط من المزروعات المتنوعة.
وقال قطنا: إن معظم إنتاجنا من المساحة المروية هو نباتي وحيواني والضرر الأكبر خلال الحرب كان يتمثل بمشكلة تدمير المصادر المائية، وكان هناك مشكلة تراجع الإنتاج وهو ناتج عن تراجع المساحات المروية، وبذلك كان توجه الفلاحين لبدائل زراعية أخرى، ودعمته الدولة بكل ما يحتاجه لزراعة المحاصيل الإستراتيجية، من أسمدة وقروض وضمان التسويق، لكن خلال الحرب فقدنا هذه المنظومة من الدعم إلى جانب صعوبات التسويق وفعل الإرهاب.
وأضاف: بالتالي اتجه الفلاح إلى الاهتمام بزراعات أخرى كالنباتات الطبية وغيرها معتمداً مبدأ التجارة الزراعية. وهنا كان يجب إعادة الألق للقطاع الزراعي، وتمت مراجعة سياسات وإستراتيجيات ما قبل عام ٢٠١١، وتقييم ما تم خلال الحرب، عبر ملتقى القطاع الزراعي الذي استمر ٧ أشهر. فكان البدء من الحقل بالحوار مع الفلاحين، ماذا يريدون، وفق رؤيتهم، مقترحاتهم، وكذلك اجتماعات مع المختصين في كليات الزراعة والطب البيطري في الجامعات ومع كبار المختصين والدراسات العليا، نوقشت من خلالها جميعاً آفاق التطوير، وبعدها تم عقد اجتماعات نوعية على مستوى كل محافظة، والانتقال لعقد ورشات عمل تخصصية، وتكليف خبراء وإعداد دراسات تم من خلالها استخلاص نتائج بدائل سياسات المرحلة القادمة.
ولفت قطنا إلى وجود ستة وتسعين برنامجاً في خطة العمل، وأصبح لدينا مشاريع توضح المسار الذي يجب أن نسير به للمستقبل، فالفلاح هو الأساس والأرض عماد الاقتصاد، والهدف هو الحفاظ على الموارد المائية.
وبيّن الوزير قطنا أهمية الحفاظ على الأراضي الزراعية، ففي عام ٢٠٠٥ كان هناك نظام دليل استخدام الأراضي والذي يمنع البناء عليها، حيث ألغينا البيت الريفي الزراعي، والتوسع بمشروع الموارد المائية ،حيث هناك ٧٠ ألف هكتار أعيد تأهيلها في محافظات حمص وحماة والرقة ودير الزور، وفيما يتعلق بمشروع الري الحديث فقد تم تخصيص 22.7 مليار ليرة وهي جاهزة لتمويل مشاريع شبكات الري الحديث.
التنمية الريفية
وبيَّن المهندس قطنا أن التنمية الريفية هي أساس التنمية حالياً، ونحاول إدراج المشاريع كافة لتحويل الريف إلى مناطق جاذبة للتنمية، وليست منفرة، فهناك مشاريع متناهية الصغر أو متوسطة الصغير، والاهتمام بتسويق المنتج الريفي.
مع إحداث الصناديق الدوارة ومشاريع الدعم بهدف إقامة وحدات إنتاجية وإحداث أسواق لتسويق المنتجات والربط بين الفلاح والمنتجات الريفية، وتمَّ إحداث وحدات تصنيع، وأسواق على مستوى المناطق كما في السلمية واللاذقية والمخرم، وهناك الصالة الريفية في الوزارة لبيع المنتجات، إذ يتم تسليم المنتج كاملاً والوزارة تتولى تسويقه، مع تحديد انبلاجات خاصة بمنتجات الفلاحين وسجل اعتماد لهم، حيث يمكنهم البيع داخلياً وخارجياً.
وبيّن الوزير قطنا أنه وبسبب عدم قدرة الفلاح على امتلاك أدوات المكننة الزراعية نظراً لارتفاع أسعارها، فقد أعلنا عن حاجتنا لأن يكون لدينا شركات خاصة لتوفير هذه الخدمات للفلاحين، ليتمكن من إنجاز أعماله الزراعية، وذلك انطلاقاً من ضرورة أن يكون القطاع الخاص هو الشريك الأول في التنمية الزراعية.
كذلك بخصوص تأمين مستلزمات الإنتاج، فقد تمّ السماح للقطاع الخاص باستيراد البذور والأسمدة والأدوية الزراعية من دون قيود، لكن هذا لم يمنع وجود عمليات تهريب لهذه المستلزمات التي تدخل بشكل خاطئ إلى الأسواق المحلية، ولفت قطنا إلى أن ارتفاع تكاليف الإنتاج الزراعي يعود إلى ارتفاع أسعار مستلزمات الإنتاج التي ترتبط بالأسعار العالمية وبقيمة الليرة السورية مقابل العملات الأخرى.
وأوضح المهندس قطنا أهمية محصول الحمضيات، والذي يعد كغيره من المحاصيل السورية كنزاً وثروة مهمة يجب التعاون بين الجميع لحمايتها، إذ حدثت مشكلة في تسويقها هذا العام، لم تحدث العام الماضي، إذ تمّ إنتاج 700 ألف طن العام الماضي، تم تسويق 164 ألف طن إلى العراق وهذا العام لم تسوّق إلا كميات بسيطة، إذ رفضت العراق المنتج لعدم مطابقات المنتج للمواصفة المطلوبة، وحدثت عدم المطابقة لعدم اتباع تعليمات القطاف اللازمة والنصائح التي تمَّ تعميمها لمحصول جيد، وتم القطف قبل الموعد فجاءت الثمار صغيرة، وبسبب ظروف الجفاف لم تكن بالشكل المطلوب، وبقيت أسعار المنتج متدنيةً هذا العام، إذ يبيع الفلاح بسعر قليل للكيلو الذي يصل سعره إلى ثلاثمائة ليرة بينما تكلفته 460 ليرة، وتصل عمولة الوسيط حتى 7 بالمئة.
ولكن وبعد تدخل الحكومة بملف تسويق الحمضيات بتوجيه من السيد الرئيس بشار الأسد تحسن السعر الذي يحصل عليه الفلاح وارتفع من ٣٠٠ ليرة للكيلو إلى ٦٠٠ – ١٠٠٠ ليرة بحسب نوعية الثمار وجودتها.
ونوه قطنا بضرورة إحداث وتنظيم شركات تسويقية ومراكز تجميع للمنتجات والمحاصيل الرئيسية، وأن يكون هناك شركة تسويقية في الساحل ضمن برامج اعتمادية بأعلى مواصفة، تدير الإنتاج عبر عقود مع الفلاحين، وتهتم بالمنتج بجميع مراحله، إض
افة إلى عقود مع شركات الصناعات الغذائية للاستفادة من المحصول في الصناعات الغذائية ومن تلف الثمار الذي يذهب أعلافاً، وبذلك نضمن تنظيم السوق، وهذه الشركات يجب أن تعتمد على محاصيل الخضار والفواكه مع ضرورة التعاون مع القطاع الخاص، وأن يتم استثمارها في القطاع الزراعي.
وأشار الوزير خلال حديثه إلى تضرُّر الثروة الحيوانية خلال سنوات الحرب الظالمة على سورية، حيث خسرت الثروة الحيوانية ما يقرب من ٥٠% من قطيع الأبقار والأغنام، لافتاً إلى أن الوزارة حالياً تقوم بإطلاق برامج تطويرية لتأمين البدائل والقدرة على نمو الثروة الحيوانية، وتبذل جهوداً كبيرة لترميم قطيع الأبقار، فتم الإعلان عن استيراد أبقار لكن لم يتقدم أحد من الموردين، بينما كانت هناك نقاشات مع غرف الزراعة لاستيراد 30 ألف رأس بقر، لكنها حالياً بصدد استيراد ١٦٠ رأس بقر فقط في ضوء الإمكانات المتاحة من القطاع الخاص، منوها بالعمل الذي تقوم به الوزارة لتطوير عمل المؤسسة العامة للأبقار من تحديث للمعدات والمستلزمات وتغيير كوادرها الإدارية ووضع برامج علمية لها.
وفيما يتعلق بالأغنام أوضح قطنا أنه لا يمكن استيرادها حرصاً على السلالة السورية (أغنام العواس)، حيث يعتبر العواس السوري من أفضل الأنواع، ولا بديل منه، لذا تم إدخال برنامج زراعة الأجنة للأغنام لزيادة عدد القطيع منها، كما خرج من 40 إلى 60 % من قطاع الدواجن من الاستثمار، وقد بدأنا باتخاذ مسارات جديدة لتطوير هذا القطاع.
وقال وزير الزراعة: إننا نسعى لتطوير الإنتاج السمكي سواء في المياه العذبة أم المالحة، وتوصلنا لنتائج نهائية للزراعات السمكية ضمن الأقفاص العائمة، وعملنا على ٣ مسارات تتمثل في زيادة إنتاج الأصبعيات من مليون إلى ٥ ملايين أصبعية، وأتحنا مزارع أسرية لمليون أصبعية بواقع عشرة آلاف أصبعية لكل عائلة وإنجاز دراسة لإقامة مزارع أقفاص عائمة بالمياه العذبة لإنتاج ١٠ آلاف طن أسماك وهو متاح للاستثمار، وهناك مزرعة بحرية خاصة بدأت بإنتاج الأسماك بالأقفاص العائمة في اللاذقية وتم الترخيص
لثلاثة مشاريع أخرى.
وأشار الوزير قطنا إلى أنه تمّ اتخاذ العديد من الإجراءات بخصوص الأراضي التي لم تستثمر، حيث ضمنا ما يقارب ٤٠٠ ألف دونم من الأراضي لمن لم يأت ويزرع أرضه، وأخذنا إجراء بزراعة كل شبر من الأرض، مضيفاً: المساحات المروية زرعت كلها وهذا حق وطني ومن لم يزرع من الفلاحين قمنا باستثمار أرضه، كما ننسق مع المنظمات والاتحادات والنقابات واتفقنا مع البرنامج الإنمائي للأمم المتحدة undp من أجل إعادة إحياء واحة النخيل في محمية تدمر في إطار تنمية البادية، ومن أصل مليون غرسة رعوية زرعنا حتى الآن 400 ألف غرسة.
شبكة فساد تتعدى على الحراج
وأكد الوزير قطنا أن هناك شبكة فساد تتولى قطع الأشجار والتعدي على الحراج موجودة منذ عام ٢٠١٦، وهناك خفراء حراجيون يتعاونون في تسهيل عمليات الاحتطاب وقطع الأشجار، إضافة لوجود خفراء يعملون في مجال حماية الحراج تم
ضبطهم وهم موقوفون حالياً بسبب ذلك، والمأمول تعاون المجتمع المحلي للدلالة على التعديات الواقعة على الحراج والقطع الجائر للأشجار، مؤكداً أن الوزارة منعت القطع الجائر للأخشاب أو نقلها بين المحافظات إلا للصناعي ووجود رخصة رسمية لنقلها، ومنعت التفحيم وإغلاق المفاحم غير المرخصة ومنعت المستودعات الحراجية، لافتاً إلى وجود تعاون بين الجيش العربي السوري ورجال الإطفاء وكل شرائح المجتمع للحد من حرائق الحراج، وتم اتخاذ إجراءات مشددة في هذا الإطار وتأمين معدات وطائرات وكل ما من شأنه للسيطرة على حرائق الحراج ونجحنا الى حد مقبول في ذلك حسب تعبير وزير الزراعة.
وفي معرض رده على أسئلة واستفسارات صحفيي “تشرين” و”الثورة” وفيما يتعلق بالتأمين الزراعي بيّن المهندس قطنا أن بوليصة التأمين الزراعي منجزة ويتم عرضها على مجلس الوزراء، وما تمّ إنجازه تأمين إلزامي للبيوت البلاستيكية فقط حالياً، منوها بوجود توجيه بزيادة مخصصات التدفئة للمنطقة الساحلية، وصدر قرار من الوزارة بحصر زراعة الخضار في المنطقة الساحلية فقط، وذلك لمناخها المعتدل ويوجد ١٥ بالمئة فقط من البيوت مدفأة والباقي غير مدفأ، يعتمد على البيئة، إضافة لإعطاء مهلة سنتين للفلاحين لإعادة تأهيل البيوت البلاستيكية بما يتناسب مع المواصفات المطلوبة بدعم كامل من وزارة الزراعة، داعياً المزارعين إلى اتباع إجراءات تقليدية للحد من آثار الصقيع من مثل رش البيوت البلاستيكية بالمياه من الخارج، حيث يساعد عل
ى التبادل الحراري وبالتالي التدفئة، وكذلك تساعد شبكات الري في هذا المجال، مؤكداً أن التنين البحري هو الخطر الأكبر على البيوت البلاستيكية.
ينقصنا التسويق الزراعي
وشدّد على أهمية الشراكة مع القطاع الخاص فيما يتعلق بالشركات التسويقية، موضحاً أنه لا توجد نية لدى الحكومة الآن لتأسيس هذا النوع من الشركات، والباب مفتوح أمام القطاع الخاص، حيث إن الإنتاج موجود ولكن يهدر منه ١٥% فواقد إنتاج، وهذه النسبة تعادل ربح الفلاح، وبهذه النسبة كان يمكن التحكم بالسعر، لكن ما يحصل اليوم هو متاجرة بالمنتج الزراعي السوري من التجار، وهذا يكون على حساب الفلاح والمستهلك ووجود حلقات تسويقية أمر مهم جداً لتنظيم العملية ا
لتسويقية وضمان حق الفلاح والمواطن، وضرب الوزير مثالاً على ذلك منتج الكمون، حيث يصدَّر إلى مصر وهناك يجري خلطه بالمنتج المصري ويصدر كله إلى الصين، مؤكداً حاجة القطاع الزراعي اليوم لتوفير الحلقات التسويقية للإنتاج الزراعي بشكل ضروري.
تصوير الثورة – عدنان الحموي وزياد الفلاح