الثورة-أسماء الفريح:
بدأ حجاج بيت الله الحرام مع صباح اليوم التاسع من شهر ذي الحجة بالتوجه إلى صعيد عرفات الطاهر، وقد توحدت قلوبهم وألسنتهم بنداء واحد:”لبيك اللهم لبيك” وداعين الله عز وجل أن يمن عليهم بالعفو والمغفرة والرحمة والعتق من النار.
واحتضن جبل الرحمة، الذي يتوسط ساحة مشعرعرفات، جموع الحجاج الذين توافدوا إليه منذ ساعات الصباح الأولى، وقد افترشوا سفوحه ورفعوا أكفّهم بالتضرع إلى الله، متوجهين إليه بالدعاء في وقفة عظيمة يتجلّى فيها الصفاء الروحي والسكينة، في يومٍ وصفه النبي -صلى الله عليه وسلم- بأنه: “ما من يوم أكثر من أن يعتق الله فيه عبداً من النار من يوم عرفة، وإنه ليدنو ثم يباهي بهم الملائكة”.
ويؤدي حجاج بيت الله الحرام صلاتي الظهر والعصر جمعاً وقصراً بأذان واحد وإقامتين في مسجد نمرة؛ اقتداءً بسنة المصطفى عليه أفضل الصلاة والسلام.
ومع غروب شمس هذا اليوم تبدأ جموع الحجيج نفرتها إلى مزدلفة، حيث يُصلّون فيها المغرب والعشاء، ويبيتون فيها حتى فجر يوم غد العاشر من شهر ذي الحجة؛ تأسياً بسنة الرسول صلى الله عليه وسلم، حيث بات فيها وصلى الفجر.
ويقوم أفراد مختلف القطاعات الأمنية بمواكبة قوافل ضيوف الرحمن في مشعرعرفات حيث أحاطوا بطرق المركبات ودروب المشاة لتنظيمهم حسب خطط تصعيد وتفويج الحجيج إلى جانب إرشادهم وتأمين السلامة اللازمة لهم.
وتتوفر في مختلف أنحاء المشعر الخدمات الطبية والإسعافية والتموينية وما يحتاج إليه ضيوف الرحمن الذين قطعوا المسافات وتحملوا المشقّة من أنحاء المعمورة؛ ليؤدوا الركن الخامس من أركان الإسلام.
ووفق وكالة الأنباء السعودية فإن عملية انتقال جموع الحجيج من منى إلى عرفات، اتسمت بالانسيابية.
ويعد جبل الرحمة من أبرز معالم المشاعر المقدسة، ويحتل مكانة راسخة في ذاكرة الشعيرة والمكان، لما له من صلة وثيقة بسيرة النبي محمد -صلى الله عليه وسلم- إذ وقف عليه خطيباً في حجة الوداع عند الصخرات الشهيرة التي لا تزال قائمة حتى اليوم، شاهدة على أعظم خطب التاريخ الإسلامي.
ويقع الجبل على بُعد 17 كيلومتر من المسجد الحرام، ويرتفع عن سطح الأرض بنحو 65 متراً، ويُعرف بعدة أسماء، أشهرها: “جبل الرحمة”، و”جبل الدعاء”، و”جبل الموقف”، وكلها تعكس ما يحمله هذا الموقع من معانٍ روحانية وتاريخية عميقة.
ومؤخراً نفذت المملكة العربية السعودية مشروعات نوعية في منطقة جبل الرحمة لتخفيف أثر “الإجهاد الحراري”؛ سعياً لتوفير بيئة مريحة وآمنة تُمكّن الحجاج من أداء مناسكهم في ظروف مناخية مناسبة، حيث بلغت مساحة المشروعات المُنفذة في الآونة الأخيرة نحو 196 ألف متر مربع، وشملت تركيب مظلات بمساحة (1,200) متر مربع، مزوّدة ب129 مروحة رذاذ، تعمل على تلطيف الأجواء وتقليل درجة الحرارة في المنطقة المحيطة بالجبل، مما يعكس حجم الجهود الكبيرة التي تبذلها المملكة في سبيل راحة ضيوف الرحمن، والحفاظ على صحتهم وسلامتهم.
هذا وحذّرت وزارة الصحة السعودية حجاج بيت الله الحرام من التعرض المباشر لأشعة الشمس خلال ساعات النهار في ظل درجات الحرارة العالية ، داعية إياهم إلى استخدام المظلات أثناء التنقل بين المشاعر المقدسة، لتعزيزالوقاية من الإجهاد الحراري، وذلك في إطار جهود المنظومة الصحية للحفاظ على صحة وسلامة ضيوف الرحمن بما يمكّنهم من أداء المناسك بصحة وطمأنينة.