الثورة – تحقيق – جهاد اصطيف:
يبدو أن ضعف القدرة الشرائية لدى أي أسرة بحلب وصلت إلى درجة أن تحضير أي طبخة من الخضراوات الموسمية يحتاج إلى دراسة اقتصادية “متأنية” كيلا تؤثر قيمة هذه الطبخة على ميزانية العائلة سواء اليومية إن كان رب الأسرة يتقاضى أجره باليوم أو أسبوعية أو حتى شهرية كما هو حال العمال والموظفين ذوي الدخل المحدود الذين باتوا الحلقة الأضعف من كل أطراف معادلة الرواتب والأجور على ما يبدو.
وبات من الطبيعي مع الارتفاع الكبير، خاصة في أسعار المواد الغذائية التوجه إلى أسواق الخضار كضرورة ملحة لدى أغلب الأسر في حلب وسواها، حيث أصبحت أقل طبخة تكلف من ١٠ إلى ١٥ ألف ليرة لأسرة لا يتعدى عدد أفرادها 4 أشخاص.
• الابتعاد عن الفاكهة..
وللاطلاع على أسعار الخضار والفواكه التي تستهلكها الأسرة بشكل يومي تجولت “الثورة” في سوق باب الجنان بحلب ، حيث قال أحد الباعة في السوق: الأسعار مرتفعة مقارنة مع دخل المواطن، هذا بات معروفا لدى الجميع، لكن تبقى الأسعار منخفضة في بسطات سوق الخضرة عن أسعار المواد نفسها التي تباع في المحال التجارية وقد يصل الفرق لحوالي ٥٠٠ ليرة أو أكثر لبعض الأصناف.
وأضاف: نزيد على تسعيرة سوق الهال نسبة معينة وهي بصراحة ليست بالقليلة، لأننا نراعي أجور النقل والتحميل والتفريغ وثمن الأكياس، مع التركيز هنا بطبيعة الحال أن الغالبية من الزبائن التي ترتاد السوق باتوا يشترون الخضراوات، دون أن يقتربوا من الفواكه.
* سيدة الموقف..
من جهته قال ” أبو حسين ” موظف – الذي كان يبتاع حاجياته من سوق باب الجنان بشكل شبه يومي: للأسف راتبي بعد الزيادات الأخيرة أصبح حوالي ١٠٠ ألف ليرة وليس لدي أي دخل آخر، أقوم بشراء الخضراوات التي يمكنني من خلالها إعداد طبخة تكفيني أنا وعائلتي رغم صغرها، وأي طبخة مهما كانت بسيطة حتى ولو كانت من الخضراوات ستكلفني أكثر من ١٠ آلاف ليرة، هذا فضلا عن حاجتنا للزيت أو للسمنة أو الغاز.
*واللحوم في “الأحلام”..
وتقول “أم محمد”: لدي خمسة أولاد، وأي طبخة أقوم بتجهيزها تكلفني أكثر من ١٥ ألف ليرة.
وتضيف : اعتمدت في الفترة الأخيرة على الخضراوات الموسمية مثل السلق، السبانخ، الخبيزة، وليس لدينا مقدرة على شراء اللحم الضاني أو حتى الفروج في هذه الأوقات فقد بلغ سعر الكيلو الواحد منه حوالي ١٠ آلاف ليرة، وتردف قائلة : صراحة اعتدنا مجادلة الباعة أثناء الشراء لعلمنا أن مسألة مراقبة الأسعار باتت على ما يبدو صعبة المنال، وأعتقد أن جميع مرتادي السوق يدركون ذلك جيدا، وما نأمله حقا أن تقوم الجهات الرقابية بدورها كما يجب، كون السوق يقع في وسط المدينة وهو دائما مكتظ بالناس والمتسوقين.
*السوق يتقيد بالتسعيرة..
مدير التجارة الداخلية وحماية المستهلك بحلب المهندس “أحمد سنكري طرابيشي” أوضح أن آلية مراقبة السوق تتم باستمرار نظراً لموقعه بمركز المدينة وحسب النشرات الدورية التي تصدر عن المديريات وفي حال ورود أي مخالفة يتم تنظيم الضبط اللازم أصولاً.
وبين أن وضع السوق عموماً أسعاره مناسبة وعادة تكون أسعاره مطابقة للنشرة السعرية، كونه يعتمد بشكل أساسي على الخضار والفواكه وتصريفها مطلوب أولاً بأول.
*جردة بسيطة..
بقي أن نذكر وبعد جولة سريعة في السوق أنه تراوحت أسعار كيلو البصل اليابس ٨٠٠ ليرة، الكوسا ٣٥٠٠ ليرة، الزهرة ٥٠٠ ليرة، البطاطا ١٩٠٠ ليرة، ربطة السلق ١٥٠٠ ليرة، والبندورة ١٩٠٠ ليرة، ولا نريد أن نقترب من أسعار الفواكه لأنها تبدو من عالم آخر ما عدا البرتقال الذي يتراوح سعره بين ٥٠٠ و٨٠٠ ليرة، وأمام ذلك كله يبقى راتب الموظف ورغم كل ما طرأ وسيطرأ عليه صامداً بخجل في ظل هذا الارتفاع الجنوني للأسعار.