ترويج ثقافة البانكي

 الملحق الثقافي:علم عبد اللطيف:

كَثُر الحديث عن الغزو الثقافي الغربي، وخصوصاً الأميركي.. وعن العولمة.. التي تعني فيما تعنيه اندياح ثقافة الغرب القوي.. الذي قام بتصدير ثقافته مع الآلة التي صدّرها إلى العالم، وطبيعي أن يفكر أيضاً بتعميم قيمه أيضاً.. فلا يقتصر على تصدير الآلة.. بل سيُرفِق معها أخلاق الآلة، وهي مصلحته في نهاية الأمر.
عن الغزو الثقافي الأميركي تحديداً، سنلاحظ أن أميركا، الدولة الحديثة في التاريخ، والتي تنتمي شعوبها الى أصول وإثنيات وثقافات كثيرة مختلفة، لم يكن بمقدورها تصدير ثقافة هي إرث أمة ذات عراقة، لا يمكن لها تصدير مالا تملك، وإذن.. سنلاحظ أن معظم الثقافة التي وصلتنا عبر الدعاية والإعلام في هذه الدولة، هو منهج الأميركي الوافد إلى عالم جديد، ثقافة (البانكي).. راعي البقر في سهوب أميركا، خيال مارلبورو.. لابس القبعة والجينز و الجزمة ذات العقب الحديدي، وأداته مسدس (الكاراداغلي).. البكرة، ليس فقط لإفناء ثقافة سكان الأرض الأصليين، بل إفناء السكان ذاتهم، عبر الإبادة الجماعية، هو ما حدث بالنسبة للهنود الحمر في أميركا وفي استراليا أيضاً، فليس بمقدور الأنجلوسكسوني التعايش مع ثقافة الهنود الحمر القبلية، ولا استيعابهم في منظومة ثقافية لم تتشكل أصلاً، وإذن، ليُرفع شعار الإفناء، ومن أعلى المستويات الإدارية، التي كانت تمنح مكافأة على كل فروة رأس لهندي أحمر.
الآن..بوجود أدباء وفنانون ومفكرون أميركيون..هم أساساً امتداد للحركات الأدبية والفنية الأوربية..في القصة والرواية والشعر والفن..ومتابعون للمدارس النقدية والألسنية في أوروبا القرن التاسع عشر والعشرين..ويرى النقاد أن همنغواي هو امتداد لهيجو..وجيمس جويس متابع لتشيخوف..وعزرا باوند متابع لبودلير..وتشومسكي لسارتر..وحتى في كل ذلك فإن أميركا بدت حقيقة ساحة مهمة لانطلاقات ومتابعات أدبية وفلسفية..ووجد فيها المفكرون من كل العالم مكاناً مناسباً لمتابعة وتطوير مشاريعهم..من داريدا إلى إدوار سعيد وغيرهما كثير..من فرنسا والمانيا واليابان وايطاليا. وكل العالم..
وبين الأخذ والرد في مسألة العولمة، وبعيداً عن نظريات نهاية التاريخ عند الأميركيين وسواهم، لا يجوز أن نهمل الحديث عن مشاريع مواجهة العولمة والغزو الثقافي في العالم، وفي منطقتنا خصوصاً، والمسألة تتعلق أولاً بجدية هذه المواجهة، وآليات الدفاع والتحصين اللازمة، في الوقت الذي عاد فيه الغرب لاتباع أسلوب الاحتلالات المباشرة للبلدان وقضم سيادة الدول من الأعلى، بعد أن بدا للعالم أن هذا الأسلوب قد فات بدون رجعة بعد حربين عالميتين في العالم، وانحسار شكل الكولنياليات المعروفة في العالم، وفي حالة الضعف الاستراتيجي التي تعاني منها دول العالم الثالث، وانعدام قدرتها الاقتصادية والسياسية والاستراتيجية على الدخول في مواجهة مع طرف قوي ستكون خاسرة فيها بالتأكيد، انعدام سبل الدفاع عن النفس أتاحت عبوراً سهلاً لثقافة العالم المتغلب كما يبدو الآن، وستصبح مشاريع تأصيل الثقافات والحفاظ عليها مهمة صعبة إن لم تكن مستحيلة بالفعل، فماذا نحن فاعلون أمام المشاريع الصريحة لنسيان التاريخ والتراث وربما الآداب والفنون واللغة، وتبني ثقافة الاستهلاك والدعاية فقط.

التاريخ: الثلاثاء15-2-2022

رقم العدد :1083

آخر الأخبار
مبدع من بلدي روبوتي الذكي باسبارتو توزيع سلل صحية في ريف جبلة مرسوم بمنح الموفد سنة من أجل استكمال إجراءات تعيينه إذا حصل على المؤهل العلمي مرسوم يقضي بالسماح لطلاب المرحلة الجامعية الأولى والدراسات العليا المنقطعين بسبب الثورة بالتقدم بطلب... مرسوم بمنح الطالب المستنفد فرص الرسوب في الجامعات والمعاهد عاماً دراسياً استثنائياً مرسومان بتعيين السيدين.. عبود رئيساً لجامعة إدلب وقلب اللوز رئيساً لجامعة حماة   انفجارات في سماء الجنوب السوري منذ قليل إثر اعتراض صواريخ إيرانية أوقاف حلب.. حملة لتوثيق العقارات الوقفية وحمايتها من المخالفات والتعديات تفعيل النشاط المصرفي في حسياء الصناعية تحديد مسارات تطوير التعليم في سوريا تعاون  بين التربية و الخارجية لدعم التعليم خطط لتطوير التعليم الخاص ضمن استراتيجية "التربية"   تجارة درعا.. تعاون إنساني وصحي وتنموي مع "اينيرسيز" و"أوسم" الخيرية بدء توثيق بيانات المركبات بطرطوس الهجمات تتصاعد لليوم الرابع.. والخسائر تتزايد في إيران وإسرائيل صالح لـ (الثورة): أولى تحدّيات المرحلة الانتقالية تحقيق الاستقرار والسلم الأهل مشاركون في مؤتمر "الطاقات المتجددة" لـ"الثورة ": استخدام الموارد بشكل أكثر كفاءة ودعم البحث العلمي قتلَ وعذبَ معتقلين في مشفى المزة العسكري.. ألمانيا تحكم بالمؤبد على أحد مجرمي النظام المخلوع  "تجارة إسطنبول": نجري في سوريا دراسة ميدانية لفرص الاستثمار