الثورة – محمود ديبو:
أكثر من 60 صناعياً وتاجراً من مختلف المحافظات والمدن السورية استمعوا لعرض الحكومة عن برنامج عملها وخطتها في مواجهة تداعيات أزمة أوكرانيا وانعكاسها على الاقتصاد الوطني وحركة الاستيراد والنقل وغير ذلك، وبدورهم قدموا وجهات نظرهم وآراءهم، وربما خبراتهم في هذا المجال بما يفضي إلى التخفيف ما أمكن من هذه التداعيات وانعكاسها على المستهلك السوري وخاصة لجهة توافر المواد والسلع الأساسي وضبط ارتفاعات أسعارها التي قد يلجأ إليها البعض لحصد المزيد من المكاسب وهذه عادة بعض المستغلين الذين يرقصون على تخوم الأزمات.
وفي واحد من أهم النقاط التي تم التركيز عليها كان موضوع تثبيت الأسعار وعدم السماح لها بالارتفاع أكثر من ذلك بالنظر إلى أنها وصلت إلى عتبات مرتفعة أدت إلى نتائج سلبية على معيشة الشريحة الأوسع من المواطنين الذين يدفعون اليوم ثمن جشع بعض الموردين والتجار والمتحكمين والمحتكرين لمواد بعضها أساسية..
ولعل هذا اللقاء الذي جرى فيه الحديث بكل وضوح وشفافية، واستمعت الحكومة لوجهة نظر قطاع الأعمال، كما استمع التجار والصناعيين لرؤية الحكومة وخطتها في ضبط تداعيات الأزمة الأوكرانية، هذا اللقاء يبدو مهماً في مثل هذا الوقت لكونه يؤكد من جديد على ضرورة أن مساهمة قطاع الأعمال في تحصين الاقتصاد الوطني من مختلف الهزات والهنات التي ستواجهه نتيجة الظروف الطارئة التي تشهدها سورية والمنطقة والعالم، خاصة وأن الدولة ومؤسساتها لم تدخر جهداً في سبيل تقديم كل التسهيلات وتحقيق المطالب التي نادى بها ممثلو القطاع الخاص لضمان استمرار عملهم لتأمين المنتج محلياً للمستهلك السوري، وبما لا يسمح بحدوث انقطاعات أو غياب لأي من السلع الأساسية الضرورية لمعيشة المواطنين.
ولعل آخر قرار كان السماح برفع جديد لأسعار الدواء بناء على طلب أصحاب المعامل ليتمكنوا من الاستمرار بإنتاج الدواء ورفد السوق المحلية بمعظم احتياجات المرضى منها.
وحتى ضمن الخطة الموضوعة من قبل الحكومة لدرء مخاطر وتداعيات الأزمة الأوكرانية كان هناك العديد من البنود التي تضمن تسهيلات جديدة للصناعيين والموردين فيما يتعلق بزيادة مدة إجازة الاستيراد للتجار لتصبح ستة أشهر بدلاً من ثلاثة، وزيادة مدة الإجازة للصناعيين لتصبح 12 شهراً بدلاً من ستة أشهر، وزيادة في التأكيد على أهمية التعاون والاستفادة من جهود الجميع فقد تقرر خلال اللقاء تشكيل لجنة متابعة من اتحادي غرف الصناعة والتجارة للتنسيق مع الجهات المعنية وتقديم الرؤى والمقترحات العملية للاستجابة المناسبة لتطورات الأسواق، وتخديم القطاعين الصناعي والتجاري وفق ما هو مناسب.
وكان لممثلي قطاع الأعمال إشارات دعت إلى جملة من النقاط منها اتخاذ تسهيلات فيما يتعلق بالإجراءات المالية والنقدية بما يسهم في تقليل تكاليف التمويل، وتيسير الحصول على مصادر التمويل المختلفة، وإعطاء المرونة الكافية في الإجراءات الجمركية.
مع الدعوة لاستمرار سياسة تثبيت سعر صرف الليرة السورية لأن هذا الإجراء من شأنه أن ينعكس مباشرة على تثبيت أسعار السلع في الأسواق المحلية، وأيضاً يساهم في دعم عمليتي الإنتاج والتصدير، على أن تكون الأولوية للإنتاج الصناعي والزراعي لتأمين السلع الأساسية للمستهلكين.
ورغم الموقف المعلن لقطاع الأعمال بالاستجابة لدعوة الحكومة في مد يد التعاون والتنسيق والوقوف مع هذه الإجراءات لتحقيق الاستجابة المطلوبة في مواجهة المستجدات الطارئة وتداعيات الأزمة الأوكرانية، إلا أن المشهد العام في الأسواق المحلية جاء خلافاً لكل التوقعات ومغايراً لما أعلن عنه ممثلو قطاع الأعمال، حيث قفزت الأسعار إلى مستويات جديدة وخاصة السلع الأساسية (السمون، الزيوت، الرز، السكر، وغيرها..) حيث تعالت شكاوى المواطنين من الارتفاعات غير المبررة لأسعار بعض السلع الأساسية التي باتت واضحة في معظم الأسواق المحلية حيث وصل سعر ليتر الزيت النباتي إلى عشرة آلاف ليرة سورية بعد أن كان بحدود 8500 ليرة، وكذلك بالنسبة للسكر الذي تجاوز سعره في بعض المحلات 3200 ليرة، ومثله الرز وقد تتداعى أحجار الدومينو لتطال الارتفاعات معظم السلع في أسواقنا المحلية، وقد يتطور المشهد ليصل إلى مرحلة تغييب واحتكار بعض تلك السلع..
ولعل السؤال الذي يطرح نفسه هنا، أين دور قطاع الأعمال وخاصة الموردين والمنتجين من هذه الارتفاعات؟ وماذا عن دور غرف الصناعة والتجارة تجاه ما يحدث الآن في أسواقنا المحلية؟ أليس من المفروض أن يكون هناك دور واضح ومؤثر بحيث يتم الحد من عمليات الاحتكار والاستغلال ورفع الأسعار؟؟
هي أسئلة استدعتها المعطيات الأخيرة والموقف المعلن الذي تحدث به ممثلو قطاع الأعمال بالالتزام بالتعاون والتنسيق لمنع أي تطورات غير منطقية في الأسواق المحلية، مع ضمان استمرار تدفق السلع وخاصة الأساسية منها..
ذلك أن ما يجري حالياً ينذر ببدء تأهب بعض المستغلين والمحتكرين والمتخصصين باستثمار أوقات الأزمات والحروب، والانقضاض على ما تبقى من رمق لدى شريحة واسعة من المستهلكين الذين فقدوا القدرة نهائياً على تحمل ضربات الأسواق المتلاحقة، والارتفاعات غير المضبوطة بأسعار السلع وخاصة الغذائية الأساسية منها..
فهل ننتظر خطوات إيجابية ومدروسة من قبل التجار والموردين والمنتجين بحيث تتكامل مع ما أعلنت عنه الحكومة من إجراءات وبرنامج عمل وخطوات لمواجهة تداعيات الأزمة الأوكرانية ..؟؟