حروف تصافح رائحة القهوة

الملحق الثقافي – شهناز صبحي فاكوش:

نتكئ كل صباح على ناصية الأمل نحتسي قهوتنا نتصفح أخبار العالم، نبحث عما يَرسم على وجوهنا ابتسامة تفاؤل نبدأ بها صباحنا، نقرأ الحذر في بعض النصوص، والرضا في مشيئة القدر في بعضها الآخر.. نمني النفس بلقاءات ودية مع الأصدقاء، وساعات هادئة مع الإخوة.
نُعْمِلُ اللين مع الأهل، ومع رائحة القهوة يجتمع الأحبة، وحين تحضر يحلو الكلام، تصافح حروف الجمال نكهتها في الأفواه العاشقة لها.. تُهدى رسائل الحب مع تصاعد البخار من الفناجين دون انتظار مقابل.. حيث يحلو كل شيء، غير آبهين بتقلبات الدهر.. قد يهدينا الألم.
في النهاية لابد من الموت، ليس لنا أن نخشاه، فالجميع آخر مساكنهم في الدنيا هي تلك اللحود، وكل سيبقى عمله بين الناس هو المتداول، هل سيذكر بخير كرائحة القهوة المنعشة.. أم يستفز ذكراه الأسماع كمذاق قهوة(سايطة)غير لذيذة، فليجمع كل منا أعماله لتصافح رائحة القهوة..
ليس من المستحسن الاتكاء على ظل الآخر.. قد يكون أمامه فتدهسه قدماه، أو يصفعه بركله صاحب الظل حتى لو لم يكن طويلاً.. فخيوط الشمس قد تتفلت من يديه، عليه أن يحابيها لتجدد محبتها له.. فلا تهشم عواطفه بسريان حَرِّها في شرايينه، ولا تضيق بفعلها مساحة حريته..
مع رشفات القهوة تتضاعف مسافات القرب ممن نحب.. فلا تتفلت شمس المحبة من بين يدينا، رغم ازدياد بعضها بسبب ألم ولده رحيل آخرين. مع رائحة القهوة ورشفات الحروف، علينا أن نتمسك بمن نوقن أنه مستعد لإنقاذنا في اللحظات العصيبة، لأنه تقبلنا كما نحن حين عرفناه
من قبِلناه وقبلنا كل على طبيعته دون تدليس ولا تزلف، يغفر ونغفر، نسامح ويسامح، لأن كلينا تخضر الحياة في نفسه عندما تشرق الشمس على عينيه، يزمهما وهو مبتسم لصباح يوم جديد، يعاود فتح عيونه وقد مخرت رائحة القهوة حاسة شمه فيضيء الكون له ليبدأ يوماً يتمناه سعيداً
لكنه لابد يسترجع قوانين الكرامة وعزة النفس في ميثاق الحياة، فلا يكرم اللئيم كي لا يتمرد، ويدير ظهره لمن جافاه بإهانة مقصودة.. ولا يبحث عمن أدار له ظهره وقت حاجته، ويحجم نفسه عن هوى الشوق لمن استغنى عنه؛ يوم تغير حاله للأفضل.. وبقي الآخر على حاله..
فلا يشتري من باع ولا يلجأ لمن ضل عن طريقه عمداً.. وليرتُق آلامه بخيوط النسيان، فيرحل بنفسه بعيداً محاولاً رأب جراحه لتشفى.. بعد أن نضبت أحلامه وجفت عواطفه.. عله يبرأ من حبِّ من لا يستحق.. حتى لو كبلته التقاليد. ويبقى مع قهوته وحروفه المضيئة.. لأنها ذخيرته.
يكفيه بشاشة وجه من عرفوه.. محظياً بود الأشراف.. فلا يعنيه الجبناء.. ولا الأفاقون.. ولا المتملقون.. فهم كأوراق الخريف صفر الوجوه بغير علة.. سرعان ما يتساقطون حين تلفحهم نسمة حادة.. لتظل الورقة الخضراء الندية متمسكة بغصنها مهما اشتدت عليها الريح..
فلنقبل على الحياة ولتكن رائحة القهوة مفتاح حروفنا لكل يوم جديد، فالأمس لن يعود.. والغد في علم الغيب.. واليوم ملك يدينا؛ فلنحسن جواره لأنه نعمة لا يدرك كنهها إلا ذو لب وفطنة. وليكن هدفنا ليس عدم إيذاء الناس، ولكن درء الأذى عنهم ما استطعنا، فالهموم تثقل كاهلهم في زمن العطالة والكورونا..

التاريخ: الثلاثاء1-3-2022

رقم العدد :1085

آخر الأخبار
أسعار الكوسا والبطاطا في درعا تتراجع.. والبندورة مستقرة  "السورية لحقوق الإنسان" تستقبل وفداً من "الآلية الدولية المحايدة والمستقلة"  التعليم المهني في حلب.. ركيزة لربط التعليم بالإنتاج منشآت صناعية وحرفية بحلب تفتقر للكهرباء.. فهل من مجيب..؟ سيارة جديدة للنظافة.. هل ستنهي مشهد القمامة في شوارع صحنايا؟! كيف نتعامل مع الفساد عبر فهم أسبابه؟ الشهر الوردي.. خطوة صغيرة تصنع فرقاً كبيراً فوضى البسطات في الحرم الجامعي.. اغتيال لصورة العلم وحرمة المكان  غموض وقلق يحيطان بالمؤقتين .. مامصيرهم بعد قرار عدم تجديد العقود؟ الغلاء في زمن الوفرة.. حين لا يصل الفلاح إلى المستهلك حملة الوفاء لكفروما أم الشهداء.. إعادة تأهيل المدارس في مرحلتها الأولى ثلاث أولويات في الخطة الزراعية حتى نهاية 2026 أسباب ارتفاع الخضار والفواكه كثيرة.. والفاتورة على المواطن الروضة.. البوابة الأولى للفطام العاطفي أمراض الخريف عند الأطفال.. تحديات موسمية وحلول وقائية كيف يصبح التدريب مفتاحاً للفرص المهنية؟ الاعتراف بالواقع وابتكار الحلول.. طريق لبناء سوريا غياب الرقابة وتمادي الشاغلين.. أرصفة حلب بلا مارة! أول برلمان في سوريا بلا "فلول" الأسد شح المياه يهدد اقتصاد درعا.. نصف الرمان والزيتون في مهب الريح