الملحق الثقافي – سعاد زاهر:
كانت مجرد نزهة بحرية عادية، اعتادتها منذ طفولتها، حين كانت تراقب أولئك الصيادين يتناوبون على حماية وإصلاح مراكبهم، على غير العادة شعرت بانقباض ما، تصارعت معه قليلاً سرعان ما تناسته وهي تحمل كتاباً وتجلس في الشمس الحارقة، تحت مظلة بحرية لا تتمكن من حجب حرارة الشمس…
حين انتبهت إلى أنها لن تتمكن من التركيز بفعل الحرارة، نزلت إلى مياه البحر، بتثاقل من يفعل شيئاً لا يرغب به، مشت وهي تتحس الرمل برجليها، كلما شعرت بوخزة ما تبدل طريقها، وتتمايل مع الموج الذي بدا وهي خارج المياه لطيفاً ولكنه الآن يجعلها تلتف حول نفسها لشدته…
كأنها لم تنتبه لكل هذه الإيحاءات أكملت مسيرتها، أو ربما بسبب شرودها لم تتمكن من الانتباه لأي مخاطر، أو ربما اعتبرت الأمر صغيراً، بينها وبين نفسها احتارت من أين أتتها كل هذا الجرأة حتى تتمكن من تجاوز الجميع والانطلاق إلى أفق بحري مجهول…
لم تكن المغامرة يوماً من هواياتها، و تفاجأت كيف أنها سبحت كل تلك المسافة الطويلة رغم أنها أيضاً ليست سباحة ماهرة، وكيف لم تنتبه لكل هذه الدراجات البحرية التي يبدو الأمر كأنها تلتف حلوها لكن دون انتباه أو تركيز على مخاطرها…
حين اقترب منها أحد تلك الدراجات وعلى متنها مراهق طائش، سارعت إلى الابتعاد وكأنها صحت فجأة أنها في مكان يفترض أن يكون أحد تلك الأمكنة الترفيهية التي بإمكان أياً كان التحرك فيها بحرية…
طالما أن لا شيء حولها سوى الرمل والماء..قالت في سرها لا ينقص سوى أن ترى سمكة قرش تنقض على المستجمين، حين وصلت بتفكيرها هنا، سارعت إلى العودة بسرعة غريبة، وكان فعلاً هناك سمكة قرش تلاحقها، بل لقد هيأ لها أن تلك الدراجات التي على متنها سائقون متهورون لا تقل خطورة عن أسماك القرش…
انسحبت بسرعة من المياه، وجلست تقرأ ذلك الكتاب، دون أن تشعر بحرارة الشمس، بل بدت لها رطبة مقارنة بكل تلك المفاجآت التي حفلت بها المياه المالحة…!.
التاريخ: الثلاثاء1-3-2022
رقم العدد :1085