نشيد لم يكتمل وشرشف من حبق المعاني

الثورة:

ما زال قول الشاعر العربي والمفكر أدونيس ماثلاً وسيبقى كلما ضاقت مساحة اللغة إذ يقول: الشعر رؤيا والرؤيا قفز خارج حدود الزمان والمكان. وفي مكان آخر يقول بما معناه إن الشعر الذي لا يزلزل ليس شعراً.. بهذا المعنى كل نص لا يجعلنا نشتعل بنار القلق والأسئلة ليس إبداعاً..
بهذا المعنى كم من المجموعات الشعرية في ظل هذه السيولة التي يشهدها النشر يمكن له أن يزلزل ما بنا ويطفح بالأسئلة؟
بالتأكيد: ليس العدد كبيراً وربما يمضي عام كامل دون أن نقع على مثل هذا النص.. ولكننا لن نعدم صوت الجمال فيما كان.
منذ عقد ونيف من الزمن قادني حدث جميل إلى اقتناء مجموعة من مجموعات الشاعر توفيق أحمد الذي رسم ملامح تجربة شعرية تفرّد بها.
وظلت المجموعة بعيدة عني بمكان ما في مكتبتي إلى أن عثرت عليها منذ عدة أيام بين مجموعة من الكتب التي كنت افتقدها.
نشيد لم يكتمل مجموعة شعرية صادرة عن دار الينابيع بدمشق عام ٢٠٠١م ومع مرور عقدين من الزمن على صدورها هي اليوم أكثر نضارة وحضرة وقدرة على الدهشة التي تقودنا إلى أغوار قصية في قراءات الجمال.
نشيد لم يكتمل عنوان لا يشي بالنص المترف الذي حفلت به المجموعة إنما هو رسالة في التجربة الإبداعية سواء قصدها توفيق أحمد أم لم يفعل.
فالتجربة الإبداعية عندما تكتمل في أي لون من ألوان الإبداع تعني أنها قد تيبست وانتهت إلى الذبول الذي لا يحمل معه أي خضرة.
المبدع عندما يصل إلى اكتمال الدائرة يعني أنه قد أغلقها ولم يعد في جعبته ما يقدمه..
نشيد لم يكتمل مجموعة تمضي بنا إلى دائرة إبداع تتسع ولا تكتمل تسعى مع كل نص فيها إلى حقل من حقول الجمال الجديدة.

عبر ثلاثة عشر نصاً تتسع أناشيد توفيق أحمد لتكون قيثارة الحياة التي تأخذ وتنتقي من كروم الجمال باقة مترعة بعبق المعاني.
وإذا كان من الصعوبة بمكان أن نعرض النصوص كافة فمن البدهي أن يكون الاختيار على حبق المعاني في النص الذي حمل عنوان: لها شرشف من حبق
شرشف بما يطفح به من دلالات الحياة والشفافية التي تعني في الكثير من بوحها النقاء والصفاء والرقة..
نص يتجاوز المألوف بكل ما فيه.. هو نشيد يطول ليكون أقرب إلى نص ملحمي من تسعة مقاطع
يقول أحمد: لم أعد أتذكر.. حين التقيت صفاء الحنين بطلتها
أنني معها..
في مساء الحكايات.. أو في الغسق..
ضاع في دمي الوقت..
وانهدمت برمجات الحسابات..
في داخل الذهن في..
وصار اجتياح لعتم السوادات في داخلي يزدهي بالألق
وهذه العابقة بشرشف الحبق المتلفعة به هي فتنة الشاعر وهي ماء الحياة: إنها فتنتي الآن..
أو قل هي النبع..
أما وقد سادني في تراب ضلوعي جنون العطش..
وهي في لغة الشعر وجعي..
ترتقي المجد. .

تحتل قلب الشاعر ونبضه هي غيمه ومطره صحوه وحصاده:
لها موقع في دمي الآن
مثل الغمامات في خاطر الأرض..
لكن سأنجو إذا حاصرتني تخوم هواها كقيد..

وهي الحاضرة التي يجب أن تكون بكل أوان:
هذا أوانك..
صبي حكيم وصاياك
عند انهدام بذروة روحي..
وكوني مراهم للجرح..
حتى اندمال الجرح..
وكوني أنيقة..

وإذا ما تركنا شرشف الحبق إلى النص الأخير الذي حملت المجموعة عنوانه فإننا نقع على مفارقات جمالية فيها الكثير من أسطورة بجماليون ومن ثم عبق من بدوي الجبل ومعارضة قصيدته الدمية المحطمة..
ولن تفتقد أثر عمر أبو ريشة في مقطوعته الجميلة (أنا لن أعود).

يخلق توفيق أحمد كمبدع جمالاً من خيالات ويكسوه لحماً ودماً ليصبح حسناء الفتنة والجمال.. ألم يفعل ذلك بجماليون وبعده بدوي الجبل؟.
ولكن الشاعر يحطم غرور هذا الجمال الذي على ما يبدو لم يصن بدعة من احتفى به.. فيعمل المبدع على تحطيمه بطريقة إبداعية أجمل من صونه
محنة المرء أن يصاب بعقل
لا يرى الكون فسحة وفضاء
كيف أعطي الأشياء ما ليس فيها
وأسمي بغيرها الأسماء..
سنوات عشر شربنا أساها
كنت ليلاً فيها وكنتُ الضياء

الفتنة التي صنعها الشاعر أحمد كبرت ونضجت لكن الكبرياء أغلى وأعز منها:
كبريائي أعز منك وماذا
أبتغي حين أخسر الكبرياء؟
لقد حطمها ونام قرير العين:
أوشك الآن أن أنام هنيئاً
حيث هذا النشيد ينهي اللقاء
هي بعض الاَلام عندي وأبقى
باحترام أفضّل الانكفاء..

توفيق أحمد نسج شرشف المعاني وعطره بحبق المفارقات نحت أيقونة من جمال الخيال وحطمها بنشيده فكان الباني الذي يعرف كيف يكون شرشف الإبداع.

آخر الأخبار
غرفة  صناعة حلب تفتح باب الانتساب لعضوية اللجان  وتعزز جهود دعم الصناعة عصام الغريواتي: زيارة الوفد السوري إلى تركيا تعزز العلاقات الاقتصادية والتجارية مباحثات سورية–إماراتية لإحياء مشروع مترو دمشق الاستراتيجي أحكام عرفية بالرقة واعتقالات في ظل سيطرة «قسد»...والإعلام مغيّب تحقيق رقابي يكشف فضيحة هدر بـ46 مليون متر مكعب في ريف حمص بعد توقف دام 7 أشهر..استئناف العمل في مشتل سلحب الحراجي "الأشغال العامة" تعرض فروع شركتي الطرق والجسور والبناء للاستثمار من وادي السيليكون إلى دمشق.. SYNC’25 II يفتح أبواب 25 ألف فرصة عمل خفايا فساد وهدر لوزير سابق .. حرمان المواطنين من 150 ألف متر مكعب من الغاز يومياً الكلاب الشاردة مصدر خوف وقلق...  116 حالة راجعت قسم داء الكلَب بمشفى درعا الوطني   تعزيز التواصل الإعلامي أثناء الأزمات الصحية ومكافحة المعلومات المضللة غلاء الإيجارات يُرهق الباحثين عن مسكن في إدلب ومناشدة لإجراءات حكومية رادعة غزة بين القصف والمجاعة و"مصائد الموت" حصرية السلاح بيد الدولة ضرورة وطنية ومطلب شعبي أكبر بساط يدوي من صنع حرفيّ ستينيّ الادعاء العام الألماني يوجّه اتهامات لخمسة أشخاص بارتكاب جرائم حرب في مخيم اليرموك زيارة رسمية لوزير الداخلية إلى تركيا لتعزيز التعاون الأمني وتنظيم شؤون السوريين تراشق التصريحات بين واشنطن وموسكو هل يقود العالم إلى مواجهة نووية؟ من البراميل والطائرات إلى السطور والكلمات... المعركة مستمرة تعددت الأسباب وحوادث السير في ازدياد.. غياب الحلول يفاقم واقع الحال