الثورة – رنا بدري سلوم:
حين يحتفي الإعلام بتجربة إبداعية لشاعر أو شاعرة، فإنه يسلط الضوء على ما قدمه المبدع، ليكون هذا الضوء دليلاً للوافدين إلى العمل الذي يتحدث عنه الإعلام، وبالتالي يساعد في أداء مهمته النقدية التي يجب أن يقوم بها.
لكن هذا لا يعني أن المتابعة الإعلامية ليست قراءة نقدية، بل هي كذلك. وربما نحتاج اليوم إلى القراءات النقدية الإعلامية أكثر من أي وقت مضى، في ظل غياب الإعلام الثقافي المرئي أو المسموع أو المقروء.
تجربة الأديبة سلمى جميل حداد، في شعرها وروايتها، كانت ومازالت محط متابعة الإعلام الثقافي. وهذه مناسبة للإشارة إلى مشاركتها وحضورها الفاعل في الملتقى الثقافي العربي الثالث الذي أُقيم مؤخراً في باريس، حيث قدمت ديوانها الجديد “في القطار السريع إلى لا أدري”، وروايتها الجديدة “جوريا داماسكينا”.
الجديد في كتاب “سلمى جميل حداد رحلة الشعر والإبداع”، أعده ووثقه ديب علي حسن، هو رصد قسماً كبيراً مما كُتب عن إبداعها الشعري والروائي في الصحافة العربية والعالمية، ويقول معد الكتاب في تقديمه: “منذ تسعينيات القرن المنصرم، انشغلت بإعداد مجموعة من الكتب التوثيقية عن مبدعين عرب كان أولهم بدوي الجبل، ثم محمود درويش، ونزار قباني، ومحمد مهدي الجواهري، ومظفر النواب.
وقد عقدت العزم على إعداد كتاب عن فدوى طوقان، لكنني وجدت أنها قد قدمت كل ما نحتاجه في مذكراتها “رحلة جبلية، رحلة صعبة”. وظل هاجس تقديم كتاب توثيقي عن شاعرة عربية لها مكانتها العالية في المشهد الإبداعي العربي، ولها حضور وجسور تثاقف مع الثقافة والإبداع الغربي. سلمى جميل حداد كانت الخيار الصحيح منذ أن تابعت أول أمسية شعرية لها في المركز الثقافي بالمزة، ربما مضى على ذلك عقدان من الزمن. هي شاعرة لها حضور خاص يشدك لمتابعة كل ما تقدمه. وفوق ذلك، هي روائية من طراز رفيع.” بحسب النقاد الذين تناولوا كتبها كمواد دسمة للقراءة، وفي تصريح لصحيفة “الثورة” بين معدّ الكتاب الأديب ديب علي حسن أنه لن يتحدث عن ملامح إبداعها، لكن إذا نظرنا إلى خطوطه العريضة، نجد أنه يتسم بالأصالة، والعمق، والتجذر بالحياة، والقدرة على التجديد في اللغة والصورة الشعرية والإيقاع، وكسر الرتم المألوف في المشهد الشعري، إضافة إلى مد جسور التثاقف مع المنجز الإبداعي العالمي.
وفيما يتعلق بالانحياز للإنسان بصفته النورانية السامية، يبين حسن أنها مهمة بحث عميق يحتاج إلى ناقد من طراز آخر، ولست هو.
مبيناً أن الكتاب يحاول أن يقدم بانوراما يجد فيها القارئ صدى إبداعها في المشهد الإعلامي العربي المكتوب والرقمي أيضاً. ويقدم الكتاب مجموعة مختارة من قصائدها من دواوين عدة، ليكون المتابع أمام بستان يزخر بكل ألوان الجمال. في كل ما أبدعته، تتجاوز ما قدمته سابقاً لتقول: “أنا ابنة الحياة، أصالة ومعاصرة وحداثة”.
لمحة عنه
لم نقدم في هذا الكتاب نصوصاً من ديوانها “في القطار السريع” لأن دراسات الزملاء قد تناولت ذلك.
الكتاب وكما أشار حسن هو توثيق لمقالات ودراسات كتبها إعلاميون مهمون نشرت في الصحف والدوريات العربية، نذكر منها: جريدة “الثورة” وملحقها الثقافي، جريدة “تشرين”، “الأسبوع الأدبي”، “مجلة الموقف الأدبي” وغيرها.
وهي كما أسلفنا، والقول لحسن: “هي مقالات ودراسات كتبت بأقلام زملاء كتاب متخصصين، ولا ننسى الزميل أنس دمشقية لتصميم الغلاف وإخراج الكتاب، وغيرهم من الأسماء العربية المهمة.
ويختم حسن متاملاً أن يقدم الكتاب باقة من بستان إبداعها العالمي، لتكون بين يدي القارئ زادًا جمالياً وإنسانياً.صدر الكتاب عن دار العراب بدمشق، ويقع في 285 صفحة من القطع المتوسط.