طفولةٌ مطعونةٌ بالخوفِ والقلقِ

الثورة – هيام عباس صالح:

ماذا يعني أن تكون طفلاً يكبر في بلدٍ أنهكته الحرب، طفلاً تحيل الحرب حياته الهادئة المألوفة لمجرد ذكرى بعيدة..
ماذا يعني أن تشتاق لدفء دارك، وأجمل ألعابك المخبأة في حنايا الذاكرة..

هؤلاء الأطفال تحولوا إلى مجرد شهود عيان (لا حول لهم ولا قوة) على ما يتعرضون له من عنف وتهجير وحرمان، فبهتت عيونهم ولم تعد تلمع إلاّ عند البكاء..
للحرب ضحايا كُثر، لكن الأطفال هم الفئة الأكثر استضعافاً بين ضحايا الحروب.. تبقى الحرب عالقةً في ذاكرة الأطفال وتشكل جزءاً كبيراً من وعيهم وسلوكهم، كما أنها تشكل مستقبلهم أيضاً.
هناك أطفال عايشوا الحرب وكانوا هدفاً مباشراً لها، وآخرون لم يروا حرباً، لكنهم لم يسلمو من آثارها المباشرة وغير المباشرة..
سيلينا طفلة بعمر الحرب يصفر وجهها وتبيض شفاهها لمجرد سماعها صوت إغلاق الباب بقوة لأنه يذكرها بصوت القذائف. بينما أختها الأكبر تخاف من العتمة لدرجة أنها تخاف الذهاب إلى الغرفة لوحدها، وحتى تخاف الذهاب إلى الحمام، ومن آثار مشاهدتها لفيديوهات لأطفال المخيمات تمانع الخروج من البيت خوفاً من عدم الرجوع إليه، وحساسيتها جعلتها تمتنع عن أخذ الأكلات الطيبة إلى المدرسة لأن أصدقاءها لم يحضروا معهم أي شيء وهي تخجل أن تأكل أمامهم…
كما أن غياب الأب سواء بسبب السفر أو الموت أحياناً كان له الأثر الكبير بفقدان الأطفال للشعور بالأمان، فكان لسفر والد الطفل مجد الأثر السلبي الكبير وتجلى ذلك بالخوف الذي يرافقه بشكل شبه دائم فأصبح عنده فوبيا من الأصوات القوية كصوت الرعد وصوت الألعاب النارية، ورافقته حالة من العزلة والانطواء لدرجة الاكتئاب تقريباً لولا المحاولات المستمرة من والدته لمساعدته في الانخراط ببعض أقرانه.

11.jpg

وإن ظروف الأهل الضاغطة والقاهرة جعلتهم غير قادرين على تأمين الحماية والحياة الكريمة لأطفالهم، ففي هكذا بيئة تكون أرض خصبة لشتى أنواع الانحلال فيتعرض الأطفال للعنف الأسري بجميع أشكاله وخصوصاً مع حالات التفكك العائلي وزيادة حالات الطلاق فيكون للأطفال معاناة مضاعفة، فالحالة النفسية غير المتوازنة للأهل والشعور باليأس وفقدان الأمل بالمستقبل حكماً سيلقي بظلاله على الأطفال ونلاحظ ذلك من خلال توجه الأطفال نحو العنف حتى باللعب مع بعضهم أو بالألعاب الإلكترونية، فالحرمان سواء من طعام مشتهى أو الحصول على لعبة أو أي نشاط ترفيهي حالة تضاف إلى آثار الحرب على الأطفال وتجعلهم عدائيين فالتدمير النفسي للأطفال هو السلاح الأشد فتكاً في الحرب.
وفي بعض الأحيان توجه بعض الأهالي إلى دفع الأطفال للذهاب إلى العمل للمساعدة في تأمين قوت يومهم، فإهمال الدراسة هنا نتيجة حتمية، ناهيك عن تدهور نظام التعليم وطبعاً نسبة كبيرة من الأطفال أصبحوا خارج المدارس، فالأمر الأخطر الذي تواجهه الطفولة هو قيام المجموعات الإرهابية المرتهنة للمحتل الأميركي بتجميع الأطفال ووضعهم في معسكرات ليتلقوا التدريبات العسكرية ويتم منحهم أسماء وبيانات شخصية مزورة للهروب من عمليات التفتيش الدولية التي تخص تجنيد الأطفال، ليبقى الطفل هو الضحية الأولى والحلقة الأضعف في بلد فتكت به الحرب وخصوصاً بتلك الظروف الاقتصادية الصعبة الأمر الذي جعل حياته أسوأ ما يمكن أن تكون عليها الحياة الطبيعية للأطفال.
لذا لا بد من البحث عن طرق وأساليب للتخفيف من تلك الآثار المدمرة للجيل وبالتالي تدمير مستقبل البلاد، فالعلاج يبدأ من الأسرة فمن الممكن أن يكون الأهل عامل ضغط إضافي أو عامل وقاية وأمان، فمسؤولية الأهل أن يكونوا الملاذ الآمن وأن يتحلوا بالوعي والصبر الكافي لتقديم الرعاية والحماية.
وهنا يأتي دور المنظمات والجمعيات الإنسانية لتقدم برامج توعية للأهل وتقدم الدعم للأطفال من خلال النشاطات وتنمية المواهب والعمل على تعزيز الثقة بالنفس والتشجيع على تحمل المسؤولية.

آخر الأخبار
نجاح عملية فصل توءم ملتصق سوري بالسعودية المجاعة تنهش غزة .. والاحتلال يصعد عدوانه "البكالوريا".. كابوس الهلع للطلاب وذويهم د. غسان الخلف: سياسات تربوية لبناء، جيل متوازن ومجتمع متكام... رئيس تحرير صحيفة عسير "لـ"الثورة": سوريا تعود والمملكة السعودية تحتضن المؤتمر الأول لذوي الإعاقة في إدلب.. دعوة لتعزيز الشمول والمشاركة المجتمعية الإعلام السوري بين التأثير والتحديات.. أداة لتشكيل الوعي وتوجيه الرأي العام حملة "بإيدينا نبنيها" لتحسين الواقع الخدمي في بلدة بداما بريف إدلب احذروا الرد على الاتصالات المجهولة هجمات إلكترونية تستهدف السوريين عبر "واتساب" محافظ إدلب: مشاريع خدمية واسعة لإعادة الإعمار وتحسين الواقع المعيشي في المحافظة الرواتب عاجزة والأسعار بلا سقف ..هل ستكون الزيادة المرتقبة حلاً على طريق تخفيف الأوجاع؟! ليس مشروع إعمار فقط   بل إعلان عودة التاريخ العربي من بوابة دمشق  تسهيل لخدمات الحجاج.. فرع لمديرية الحج والعمرة بدير الزور تعزيز الطاقة المتجددة والربط الكهربائي في زيارة الوزير البشير لمحطة سدير السعودي سوريا تطلق خطة طموحة لإعادة هيكلة قطاع الطيران وتطوير مطار المزة كمركز للطيران الخاص تعديلات جديدة على النظام الانتخابي ومجلس الشعب القادم بـ210 مقاعد اتفاقية استراتيجية بين سوريا والسعودية لتعزيز التعاون في الطاقة وفتح آفاق التكامل الإقليمي نقطة طبية في جدل بدرعا لخدمة المهجرين من السويداء 1490 مريضاً استقبلتهم العيادة الأذنية في مستشفى الجولان الوطني تأهيل مدرسة سلطان باشا الأطرش في حلب قرار حريص على سلامة الطلاب..  تأجيل امتحانات الثانوية في السويداء