الثورة – عبد الحميد غانم:
سلاح العقوبات الذي تستخدمه أميركا والغرب ضد روسيا بشأن الأوضاع في أوكرانيا، كمن يشد حبل المشنقة حول عنقه، فهذه العقوبات أولاً ليست جديدة على روسيا، فقد اعتادت عليها، ثانياً لن تحدث الأثر الكبير الذي يسعى الغرب إليه من وراء فرض تلك العقوبات، فلروسيا الكثير من الأصدقاء الذين يساندونها ويقفون إلى جانبها في أوقات الشدة.
ثالثا إن هذه العقوبات بالأصل ليست شرعية كغيرها من العقوبات التي فرضها الغرب على موسكو من قبل أو على سورية وإيران وبيلاروس وفنزويلا وكوبا وغيرها لأن إقرار هذه العقوبات لم يمر عبر الأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي المعني بفرض مثل هذه العقوبات، وموسكو فعلت المستحيل لتفادي السيناريو الغربي المعادي في أوكرانيا ولم تترك خياراً واحداً لحل الأزمة سلميا عن طريق الحوار والتفاوض إلا وقامت به، وقد أجبرت على الحل العسكري نتيجة عدم التزام النظام الأوكراني باتفاقيات مينسك وذلك بهدف تفادي حرب دموية ونووية، ومن أجل حماية المدنيين في دونباس وعدم وقوع أوكرانيا بيد النازيين الجدد.
الغرب يقوم اليوم بدعم ورعاية النازيين الجدد المتواجدين في أوكرانيا كما يقوم بدعم المجموعات الإرهابية في سورية كأداة لفرض هيمنته وتحقيق أهدافه العدوانية.
وروسيا لم ترد حتى الآن على ممارسات الغرب وعقوباته، بل تقوم بعملية عسكرية لحماية جمهوريتي دونيتسك ولوغانسك من اعتداءات النازيين الجدد.
وفي حال ردت موسكو على تلك العقوبات فالرد سيكون قاسياً، فهي تملك الكثير من الأوراق الرابحة اقتصادياً، فروسيا تشكل مصدراً مهماً للغاز الأوروبي، كما تشكل أهم مصدر للمعادن الثمينة والنادرة للصناعات الأوروبية والأمريكية لاسيما صناعات السيارات والطائرات ومركبات الفضاء مثل الألمنيوم والنيكل والكوبالت وغيرها فضلا عن السمك والأغذية الهامة التي يعتمد عليها المطعم الأوروبي.
لذلك فالعقوبات الغربية ضد روسيا لن تفلح في تحقيق غاياتها العدوانية ولن تغير من المشهد شيئا والذي سيتأثر بها هو أوروبا والغرب عموما وسيصبحان كحالة من يشد الوثاق على عنقه.
الدول الغربية التي تدعي أنها ديمقراطية وتنتهج نهج الانفتاح وحقوق الإنسان وحرية الصحافة في الإعلام وكل هذه الادعاءات تجدها فجأة لا تتحمل الاختلاف في الرأي مع دول أخرى.
فتقوم بفرض العقوبات والإجراءات القسرية أحادية الجانب وهي غير شرعية بموجب ميثاق الأمم المتحدة بمعنى أن ما يسمى بالعقوبات خطأ، هو بالأساس إجراءات قسرية أحادية الجانب تتخذها بعض الدول ضد أخرى تخالفها بالسياسة، بمعنى أن هذه الدول التي تفرض إجراءات قسرية لا تتحمل حق الاختلاف بالرأي.
إذا كانت منفتحة كما تدعي على العالم الخارجي معنى ذلك يجب أن يكون هناك حوار حتى مع من تختلف معهم في الرأي هذا هو الأساس.
إذا كانت الأمور تصل إلى مرحلة عدم التفاهم لا يحق لها أن تلجأ بشكل أحادي لأن تفرض عقوبات اقتصادية قسرية أحادية الجانب على من تختلف معه بالرأي، الجهة الوحيدة المخولة بفرض العقوبات هي مجلس الأمن.
حتى إن حشد الناتو المزيد من الأسلحة إلى أوكرانيا لن يهدد الأمن القومي الروسي فحسب، بل سيهدد أمن أوروبا وأمريكا، وروسيا لن تقف مكتوفة الأيدي بل ستدافع عن أمنها القومي وستتصدى للتهديدات الأمريكية والغربية.