بمناسبة ” عيد الأم وأعياد المرأة ” نشير إلى أن موضوع المرأة طرح في فنوننا التشكيلية، بمجمل الأساليب الفنية التقليدية والحديثة، وبدت معارض الفنانين بمثابة صورة بانورامية استعادية للمرأة الرمز، التي تختصر الشرق الأسطوري، بأسراره المستمرة والمتواصلة عبر تعاقب العصور والأزمنة، ولقد استخدمت صورة المرأة في الفن التشكيلي السوري المعاصر، للتعبير عن مختلف الموضوعات الإنسانية والاجتماعية والسياسية والتاريخية، وقدمت كرمز للجمال والحرية والأرض والعطاء والتاريخ العربي، حيث ظهرت المرأة الريفية والمرأة العاملة في الأرض وفي البيت والمصنع، وبرزت معاني الأمومة والنبل والشاعرية والقدسية التي تميز المرأة العربية.
ورغم اتجاه أكثرية رواد الحداثة التشكيلية، نحو التلخيص والتحوير في معالجة الوجوه والعناصرالأنثوية، بقيت مدلولات تلك الأعمال مرتبطة بتراث المنطقة التي تعيش فيها المرأة العربية، وبخصوصيات العمارة المحلية وبجماليات الطبيعة والريف السوري، مع استمرارية التأكيد على الملامح والأزياء المحلية والعربية، وبذلك حافظت تلك الأعمال على خصائصها الجمالية والشعبية.
مع التركيز لإبراز المضامين الإنسانية والوطنية بعد أن حصلت المرأة السورية على حريتها الاجتماعية بإطار كفاءة المثابرة والجدية، وضمن الأعراف المتجددة التي تحترم حريتها وحقها في الخروج والتعلم والعمل، وتحافظ على تقاليدنا العربية، والمرأة في البلدان العربية لا تتحرر من أجل التحرر فحسب، بل تكافح كي لا تكون مقيدة وبعيدة ومغيبة عن القيام بدور فاعل وفعال في مجتمعها.
ولقد برزت عناصر المرأة عبر لمسات اللون العفوي المشحون بالمشاعر والأحاسيس الإنسانية العميقة، ووصلت الأعمال الهامة الى ضفاف الصياغات التعبيرية العصرية، وشكلت بعض الأعمال الأخرى عودة إلى التشكيل الانطباعي، الذي يعتمد على التقاط لمسات الضوء المباشرة التي تغمر الشكل المرسوم ، كما اتجهت بعض الأعمال من الصياغة الواقعية المباشرة والخطابية، إلى بعض الاتجاهات الخيالية والرمزية مروراً ببعض الإيحاءات والرؤى السوريالية.
والفنان يجب أن يمنح الموديل الحي تجلياته المتجددة وزمنه المعاصر، والإدراك هنا يجب أن ينبع من الداخل، بعفوية وجرأة تتميز بالبحث عن فضاء جمالي يوازن في إيقاعاته ما بين معطيات الصياغة الأكاديمية والواقعية، ويدمج بينهما للوصول الى حالات الدهشة والإقناع.
رؤية – أديب مخزوم