الملحق الثقافي: عمار النعمة :
لم يكن المسرح السوري يوماً خارج رحم الحياة ففي مسيرته المليئة بالإنجازات والشخصيات التي نعتز ونكبر بها حتى اللحظة تستوقفك المحطات الأجمل والأصدق وترى أنها هي المحطات التي احتفت بالإنسان والواقع بكلّ ما يحمل من آلام وأفراح وآمال .
اليوم يحتفي السوريون كما العالم بالمسرح أبي الفنون وأقدمها وأعرقها، لأنهم وحدهم يعرفون كيف يرسمون للإبداع خطوطه ومجراه، نحتفي باليوم العالمي للمسرح لنقول :إننا أبناء سعدالله ونوس وفواز الساجر ومحمد الماغوط ودريد لحام الذين سنكمل المسيرة من بعدهم لنسمو بها .. كيف لا .. وسورية هي الماضي الذي زها بالفنون والحضارات والإنسانية وهي الغد الذي يطل على العالم بروعة العطاء.
ملحق الثورة الثقافي التقى د.تامر العربيد عميد المعهد العالي للفنون المسرحية للحديث عن المسرح في يومه فأكد أن المسرح لم يكن يوماً من الأيام فناً مرتاحاً فهو يعكس الواقع والمعاناة بشكل حقيقي، وبالتأكيد إذا مرّ ببعض الانتكاسات أو المنغصات أو المعاناة فهذه حالة عامة في العالم، مشيراً أن المسرح السوري موجود وأكبر دليل على الاستمرار أنه في أقسى ظروف الحرب العدوانية على سورية كان حاضراً من خلال عروض مديرية المسارح والمهرجانات وعروض المعهد العالي للفنون المسرحية واستمرار المعهد بتخريج الكوادر والمواهب باختصاصات مختلفة .
وقال: أوجه التحية لكلّ المسرحيين في سورية بشكل خاص والعرب بشكل عام ، فهذا اليوم هو خاص ومميز، لأن المسرح فن خاص .. هناك من يدعي أن هناك أفولاً للمسرح ، وأنا أرى عكس ذلك فهناك عودة لهذا الفن ورغبة حقيقية خاصة عند جيل الشباب الموهوبين والمحبين لهذه الخشبة التي تلبّي طموحاتهم ورغباتهم وثقافتهم .. والمعهد العالي من خلال كوادره يؤكد هذا الشيء من خلال النشاطات التي يواظب عليها كي يبقى هذا الفن حاضراً مجتمعياً وإنسانياً ويغني المشهد الثقافي … ولكي نكرّس ونؤكد ما نؤمن فيه بأن المسرح هو الحياة وأنه يعكس الذائقة الفنية والثقافية والجمالية للمجتمع السوري .
وأضاف عميد المعهد العالي للفنون المسرحية: المعهد مؤسسة إبداعية لها تاريخها فهناك سنوات من الإبداع والعمل الأكاديمي والشاهد هو الخريجين الحاضرين على الساحة الفنية داخل سورية وخارجها وأساتذتهم المتميزين بالإضافة إلى تنوع أقسامه التي بدأها بقسمين واليوم أصبحوا خمسة أقسام : التمثيل – الدراسات المسرحية – الرقص المسرحي – الفنون الصوتية والضوئية – والسينوغرافيا .
هذا التنوع والإصرار وإغناء البرامج وتطوير المناهج والعمل الأكاديمي هدف أساسي بالنسبة لنا بالإضافة إلى الفعّاليات التي يقوم بها المعهد مع بداية العام الدراسي والعروض الجزئية وصولاً إلى يوم المسرح العالمي الذي سنحتفل به وسنقدم من خلاله تظاهرة ثقافية على مدى يومين حيث سيقدم فعاليات متنوعة تبرز المستوى الأكاديمي للمعهد بأقسامه الخمسة وعروض مسرحية وعرض خاص لليوم العالمي للمسرح وإزاحة الستار عن لوحة بانورامية ومشاركة قسم الرقص بلوحات جميلة .. لنؤكد أن المسرح السوري رقم صعب وأننا قادرون على الحضور والعطاء في الداخل والخارج من خلال المهرجانات العربية وغيرها ..
مشروع إبداعي
وحول ملتقى الإبداع الذي يقيمه المعهد العالي والهدف منه قال العربيد: بدأ ملتقى الإبداع في موسمه الأول في العام 2015 – 2016 عندما استضاف أسماء كبيرة مثل دريد لحام وأيمن زيدان والأب الياس زحلاوي وثراء دبسي …الخ واليوم نحن نتابع الموسم الثاني حيث الانطلاقة كانت مع الفنانة الكبيرة منى واصف السنديانة السورية والنجم غسان مسعود وأخيراً مع النجم تيم الحسن خريج المعهد مشيراً أن ملتقى الإبداع مشروعاً إبداعياً أكاديمياً حوارياً ضمن المنهج الأكاديمي والعملية التعليمية في المعهد ليست الغاية منه اللقاء مع الفنان وإنما البحث عن صاحب التجربة والعراقة في الفن وخلق الحوار والتلاقح مابين الضيف والطلاب والشفافية في طرح الأسئلة الأمر الذي سيساعد الطلاب بتحديد مساراتهم وتطوير ذهنيتهم .. وخلق حالة القدوة لديهم والمقصود بالقدوة تجارب النجوم التي تقدّم دروساً مهمة وخبرة عمرها سنوات ..
المعهد سيستمر ليؤكد مشروع المؤسسة الإبداعية وهناك فعّالية أخرى أسمها :(عروض في الذاكرة) قدّمها المعهد على مسرح سعدالله ونوس مصوّرة على شاشة كبيرة لتكون أيضاً دروساً يتعلم منها الطلاب تُغني تجربتهم الفكرية والمعرفية ورافعة مهمة للمنهج التعليمي في المعهد .
تعاون مستمر
مجال التنسيق مع مديرية المسارح موجود ومستمر فنحن جزء من المشهد الثقافي ومن إستراتيجية وزارة الثقافة التي تسعى دائماً إلى التنسيق والدعم والتشبيك في ما بيننا لتخريج طلاب أكاديميين ووضعهم في سوق العمل، فمهمتنا الأساسية في المعهد تنتهي بتخريج الطالب ولكننا نحاول أن نفسح الفرصة للشأن الإبداعي والمسرحي من خلال دعوات
الأساتذة لرؤية هؤلاء الشباب والمواهب ودعمهم بالطرق الممكنة بما يخدم هؤلاء الطلاب.
وفي الختام وجه د.تامر العربيد في يوم المسرح العالمي التحية للمسرح الفن الخاص والصادق، وللمسرحيين وعشاق المسرح … قائلاً للطلاب:
هذا الشغف الذي تمتلكونه يجب أن يميز أداءكم ويجعلكم متمسكين بالقيم وأخلاقيات المهنة وأدعوكم لحب الاكتشاف والمثابرة بالعمل كي تكونوا مختلفين ومتميزين وبالتالي نجوماً حقيقيين يشار لكم بالبنان ، فمن يعمل في هذا المجال هو أشبه بأخلاق الفرسان لأن الفنان الحقيقي يحمل رسالة سامية ودوراً تنويرياً .
المسرح بخير إذا كنا نؤمن به ، لدينا مواهب متعددة ومخرجون وكتّاب يؤمنون بهذا الفن ورسالته … وكلّ عام ومسرحنا وعشاق المسرح بألف خير .
التاريخ: الثلاثاء22-3-2022
رقم العدد :1088