معاً على الطريق .. بقلم أحمد ضوا:
تتصاعد الهستيريا الغربية ضد روسيا الاتحادية مع انقضاء شهر على العملية الروسية في أوكرانيا لحماية سكان دونباس ومنع تحويل هذا البلد إلى منصة غربية لتهديد الأمن القومي الروسي وما يمكن استنتاجه أن الولايات المتحدة وحلفاءها الغربيين ماضون في استخدام الحكومة الأوكرانية حتى آخر جندي أوكراني.
يوم الخميس المنصرم توافد إلى العاصمة البلجيكية بروكسل حفنة من المسؤولين الأوروبيين وقادة حلف الناتو ومجموعة السبع الكبرى وفي مقدمتهم الرئيس الأميركي جو بايدن وكان محور هذه القمم الطارئة العملية العسكرية الروسية في أوكرانيا وتنسيق المواقف وسبل إيقاع أكبر الأضرار بالعظيمة روسيا من جميع الاتجاهات ولكن ما تمخضت عنه فيما يخص أوكرانيا لا يتعدى استخدام وتوظيف الرئيس الأوكراني وحكومته وجيشه ضد روسيا في معركة محسومة النتائج المتضرر منها هو الشعبان الأوكراني والروسي.
منذ بداية العملية العسكرية الروسية لحماية دونباس ركزت الدول الغربية على تصعيد الأوضاع مع روسيا على كل المستويات وهو ما يؤكد صوابية الموقف الروسي حول تحضير الغرب لأوكرانيا لتكون جبهة مفتوحة له ضد روسيا وهو ما يتضح في منع العواصم الغربية للرئيس الأوكراني الاستجابة للشروط الروسية وحقنه يومياً بالتصريحات عن توريد الأسلحة والمعدات لجيشه الذي يتكبد خسائر كبيرة وبدأت تنفد مخازن سلاحه التي لم تصل إليها الإمدادات الغربية.
وكذلك الأمر فإن كشف القوات الروسية المتوغلة في الأراضي الأوكرانية عن إنشاء وزارة الدفاع الأميركية خلال السنوات الماضية مختبرات سرية في أوكرانيا لتصنيع الأمراض الفتاكة والأسلحة البيولوجية بغية استخدامها ضد منافسيها وخاصة روسيا الاتحادية والصين وايران وغيرها من الدول يقدم دليلاً إضافياً على الخطط العدوانية لحلف الناتو لعزل روسيا وإضعافها تمهيداً للمعركة التي تحضر لها واشنطن ضد الصين.
على مدى شهر لم تناقش كل القمم الأوروبية والغربية مسألة شروط موسكو لإيقاف عمليتها العسكرية في أوكرانيا وتركزت ردود أفعالها وسياساتها على تصعيد التوتر مع روسيا وإغلاق الباب أمام الرئيس الأوكراني لتجنيب بلاده عواقب تعويله على حلف الناتو في المواجهة العسكرية مع روسيا.
لم تشذ القمم الأخيرة التي شهدتها بروكسل عن سياق السياسة التصعيدية الغربية مع موسكو رغم منعكساتها السلبية على الدول الغربية وهذا يعكس مدى هيمنة القرار الأميركي على سياسة الاتحاد الأوروبي والناتو ولكن هناك تباينات واضحة بدأت تأخذ طريقها الى العلن مع رفض العديد من الدول الأوروبية عدم التخلي عن الغاز والنفط الروسي وتجاهلها أيضاً لبعض التوجهات الأميركية بدفعها للمزيد من التورط في الأزمة الأوكرانية.
من المعلوم أن الولايات المتحدة واستراتيجياتها العدائية ضد روسيا أسهمت في توريط الاتحاد الأوروبي بالأزمة الأوكرانية من خلال حلف الناتو ولكن قمم بروكسل الأخيرة أظهرت مخاوف العديد من القادة الأوروبيين من تداعيات هذه الورطة المتوسطة والبعيدة المدى وهي تتوجس من الإصرار الأميركي على إطالة أمد الحرب في أوكرانيا وآثارها اللاحقة على الأمن الأوروبي بشكل علم مع الزج المتواصل من قبل البنتاغون للمرتزقة والإرهابيين والعنصريين إلى جانب القوميين والنازيين الجدد في أوكرانيا.
تدرك القيادة الروسية أن واشنطن وجدت في العملية العسكرية الروسية فرصة لفتح جرح نازف في الجسد الروسي ولذلك تعمل على الأرض لحماية المدنيين باستخدام الأسلحة عالية الدقة في استهدافها للقوات الأوكرانية ومراكز إمدادها وتسليحها ولدفعها الى الاستسلام وسيكون لتطورات المعركة خلال الشهر الجاري وإنجاز المهام الموكلة للقوات الروسية الأثر الكبير في دفع دول الاتحاد الأوروبي الى التوقف عن مواكبة السياسة الأميركية.
إن إصرار واشنطن على عقد ثلاث قمم في يوم واحد بالعاصمة البلجيكية كان بهدف التغطية على الاختلافات بين قادة هذه الدول وتأخير انفلاتها حول سياسة التعامل مع موسكو وليس بهدف تأمين الدعم للرئيس الأوكراني وحكومته وجيشه ولكن كل ذلك محكوم بمدى تحمل وتقبل الشعوب الأوروبية لعواقب العقوبات على حياتهم اليومية.
تظهر سياسة الدول الفاعلة في الاتحاد الأوروبي مع روسيا وخاصة ألمانيا وفرنسا اتجاهاً يأخذ في الحسبان مصالح البلدين ورغبة برؤية نهاية سريعة للحرب تتمثل بإعلان القيادة الأوكرانية الاستسلام أو تحقيق روسيا لشروطها الكفيلة بحفظ أمنها القومي هو الأمر الذي تترقبه الكثير من الدول في العالم.