جميلة تلك الصور وإن كانت تعكس في مضمونها مشاهد الشقاء والبؤس بعد سنوات طويلة من النعيم والراحة..
حيث تجلّت في عمقها الاجتماعي بعيد المعلم الذي حمل معه المزيد من حالات التكافل والتعاون والجود من الموجود كما يقال، فواقع الحال يشي بحجم الصعوبات المعقدة من قلة المحروقات إن لم نقل فقدانها وتقنين الطاقة إلى حدودها الدنيا، ماجعل الناس تستقبل عيد المعلم في السابع عشر من الشهر الحالي على عكس كلّ ما كان يجرى في السنوات السابقة من تقديم أنواع الهدايا خاصة للمرحلة الابتدائية ولاسيما في الأرياف.
إذ من النادر أن تعثر على مدفأة مازوت منزلية هذه الأيام ،بل مدافىء الحطب هي الغالبة، ولأن طن الحطب بمئات الآلاف من الليرات بات من الصعب تأمينه بيسر وسهولة بحكم الظروف الجوية وتشديد الرقابة فقد استهلك الشتاء معظم مؤونة الحطب وجاء البرد وصقيع آذار لينهك العوائل والأسر بمزيد من الضيق والتعب النفسي،بعدما بات البيع والشراء يتم بالكيلو وبسعر ألف ليرة، ما دفع الكثير من أهالي الطلاب إلى تقديم بعض الحطب كلّ حسب قدرته، كهدية مناسبة للمعلم أو المعلمة، فهي حقيقة تعادل الذهب عند البعض.
محطات من عمر السوريين تغيّرت فيها درجات الرفاهية بالقياس ما يقارب ٣٦٠ درجة، فمن الوفرة إلى القلة، ومن السلام والأمان إلى الفوضى والقلق وارتكاب الجريمة، بفعل الحرب العدوانية القذرة التي خلّفت وراءها ويلات وكوارث اجتماعية واقتصادية واستنزاف للموارد والطاقات وسرقة وتدمير معظم دعائم بنى المجتمع.
يبدو أن المعاناة لم تتوقف ،ودوافع الحاجة أم الاختراع تجري على قدم وساق مع فارق الظروف والحياة بين الريف والمدينة الذي يتنافس كلّ منهما بالوجع الحقيقي،على صعيد الفرد والأسرة والمجتمع.
نأمل الفرج والمعافاة لهذا الوطن الجميل الذي لم يبخل على أبنائه بشيء ،وإن كان عقوق العديد من الأبناء بمختلف شرائحهم جريمة لا تغتفر بحقّ أنفسهم التي خسروها أولاً والمساهمة بتخريب بلدهم ثانياً، بغض النظر عن حجم التآمر الدولي والإقليمي والأيدي الخفية العميلة من أصحاب النفوس المريضة والعقيدة المشوهة.
عين المجتمع -غصون سليمان