العلوم الإنسانية وتعزيز الهوية الوطنية

الملحق الثقافي – لقاءات: خلود حكمت شحادة:

الهوية الوطنية هي الخصائص والسمات التي تتميز بها كل دولة وتترجم روح الانتماء لدى أبنائها، ولها أهميتها في رفع شأن الأمم وتقدمها وازدهارها، ودونها تفقد الأمم كل معاني وجودها واستقرارها، وهناك عناصر للهوية الوطنيّة لا بد من توفرها تختلف من أمّة لأخرى.
وللوعي بالهوية الوطنية والالتزام بها آثار عظيمة تنعكس على الفرد والمجتمع والوطن بشكل عام.
للوقوف على مفهوم الهوية الوطنية وعلاقتها بالعلوم الإنسانية كان للملحق الثقافي جولة ولقاءات مع أساتذة في العلوم الإنسانية من اختصاصات مختلفة للايضاح والشرح عن تلك العلاقة بين الدراسة والهوية.

د.عدنان أحمد مسلم من جامعة دمشق قسم علم الاجتماع:تعزز القيم
حدثنا بداية عن ميادين العلوم الإنسانية بشكل عام قائلاً: تشمل العلوم الإنسانية الانتربولوحيا والتاريخ والجغرافية واللغات وعلم النفس والتربية وعلم الاجتماع الذي هو من اختصاصي، وهذا ما سأتحدث عنه فيما يخص موضوع الولاء والانتماء والهوية الوطنية، وهذه المفاهيم تتجسد فكرياً في ميدان معرفي مهم جداً في مجال العلوم الإنسانية كافة وعلم الاجتماع بشكل خاص، حيث نقوم في هذا القسم بتدريس ميادين متعددة منها الظاهرة الاقتصادية والسياسية والتربوية والأسرية والدينية ضمن إطار المجتمع، وأهم ميدان يتعلق بالانتماء والولاء الوطني والقومي هو علم الاجتماع السياسي من خلال التنشئة السياسية والتي هي جزء من التنشئة الاجتماعية وتجسد قضية الوطن والانتماء بالبعد القومي.
وتابع مسلم موضحاً الظواهر الأخرى المرتبطة بالناحية السياسية تجسد موضوعات قيم، وإذا أردنا الحديث بموضوع التنشئة السياسية علينا التطرق إلى الانتماء وكيفية تجسيده من خلال منظومتين فكريتين؛ الأولى تتعلق بمفهوم القيم بشكل عام، والثانية تتعلق بالمؤسسات بشكل عام.
أما موضوع القيم فيتجلى عندما ننشء أبناءنا تنشئة اجتماعية على حب الوطن وتقدير رمز العلم والنشيد الوطني والبزة العسكرية ودورها في حماية الوطن نكون بذلك قدمنا التنشئة الاجتماعية والسياسية بنفس الوقت، وبالتالي عند التركيز على هذه القيم نجسد حب الوطن ونعزز الانتماء والتقدير والمكانة هذا كله ضمن منظومة قيمية لذلك نرى العلوم الإنسانية تتدخل في تعزيز الانتماء من خلال الميدان المعرفي، وهذا لايتعلق فقط فقط بعلم الاجتماع بل يدخل في ميادين علم النفس والتربية، وهذا دليل واضح على أن العلوم الإنسانية كافة تعزز موضوع القيم الوطنية التي هي جزء لا يتجزأ من تجسيد الانتماء للوطن وحمايته.
وتابع مسلم في الموضوع ذاته منوهاً إلى دور علم الاجتماع الديني كمنظومة قيمية وكونه جزءاً من علم الاجتماع ولما له من دور مهم في الولاء الوطني، فإذا ما كانت الجهات المرتبطة بالجانب الديني الدعوي والتي تدعو إلى حب الوطن والانتماء له وبالتالي هذا ميدان معرفي لذلك علينا ألا نفكر أن الدين هو العلاقة بالله فقط.
من وجهة نظرنا في علم الاجتماع الديني أن القضايا التي تتعلق بالظاهرة الدينية كيف يجسدها المجتمع وكيف تدخل في موضوع الولاء الوطني.
وعن موضوع المؤسسات على اختلافها يدرسها علم الاجتماع السياسي ويخوض في موضوع الأحزاب بشكل عام والثورية بشكل خاص ودراستنا لموضوع الأحزاب في العلوم الإنسانية نكون قد وضحنا مفهوم الحزب كتنظيم بنيوي هيكلي وأفراد ينتمون إليه من خلاله يتجسد ويتعزز موضوع الولاء، وليست الأحزاب وحدها في هذا الإطار هناك المؤسسات على اختلافها والتنظيمات الاجتماعية المدنية سياسية كانت أم اجتماعية أم دينية كلها تعمل على تكريس حب الوطن والانتماء والولاء، وهذه المفاهيم من ضمن استراتيجياتها ومفاهيمها، وهذا دليل واضح على أهمية العلوم الإنسانية في تعزيز الهوية الوطنية.

د.ماجدة حمود:تنمي المعارف
التي أوضحت أهمية اللغة العربية وعلاقتها بالإنسان وتكوين روحه وفكره ونعمل ضمن اختصاصنا في النقد على تأسيس المعرفة النقدية في المرحلة الجامعية لأن بناء الإنسان يبدأ من نقد الذات لينتقل إلى تطوير الذات، ويتم هذا عن طريق العمل على الأعماق النفسية من الداخل والفكر والعقل والروح، والأدب جزء من الروح لذلك نركز في دراستنا في الأدب المقارن على بناء فكر الإنسان وانقتاحه ودراسة صورة الآخر خاصة وقد خرجنا اليوم من أزمة دمرت الإنسان والعلاقات الاجتماعية فعملنا على بناء روح الإنسان ووعيه عن طريق الانفتاح الفكري وهذا مانحتاجه لذلك نركز في الأدب المقارن وفي النقد على البناء الروحي للإنسان.
ومن قسم اللغة العربية حدثنا أيضاً الدكتور عبد الناصر عساف عن العلوم الإنسانية كونها مفهوماً يشمل جملة معارف وعلوم متعددة تفيد في تعزيز الهوية الوطنية والقومية عند المتعلم لأنها تنمي لديه المعارف التي تعزز المفاهيم الثقافية والمعرفية التي تبنى على أساسها الدولة الوطنية والتصور القومي الصحيح، فاللغة العربية تبني عند المتعلم ما يدعو إلى اللحمة الوطنية من أجل بناء نسيج لغوي واحد تقوم عليه الدولة، ويقوم عليه المجتمع بعيداً عن التشتت والتشظي في مسألة الثنائيات أو العامية والتاريخ يسهم في بناء وحدة الدولة وتعزيز اللحمة الوطنية إذا ما استثمر ووظف توظيفاً صحيحاً يمكن أن يفيد في تعزيز اللحمة الوطنية وبناء الدولة واختيار الأشياء البعيدة عن الخلافات ولاسيما السياسية والتي ينبغي أن تستبعد من أجل تحقيق تصور وطني صحيح ولحمة وطنية قوية والإفادة منه في بناء الدولة.

د.عيسى الشماس:منهج تربية
معنى التربية الوطنية وأهمية تعزيزها عند الطلبة باعتبارها قيمة أساسية من منظومة القيم وهي عبارة عَن كل ما يرتبط بها من أفكار وسلوكات مكتسبة ونغرس في نفوس الناشئة من خلال التربية والتعليم سواء بالتربية النظامية أم اللانظامية، والمواطنة كلمة مشتقة من الوطن وهي صفة يكتسبها شخص ينتمي إلى وطن معين ويحمل جنسيته ويتخذه موطناً يعيش فيه ويكوّن الهوية الوطنية بأركانها كافة.
وأضاف شماس: تعد التربية الوطنية الإطار النفسي والاجتماعي الذي تنصهر فيه مشاعر الأفراد وإحساسهم بالانتماء إلى وطنهم بما فيه من تراث تاريخي وثقافي ونظم اجتماعية تحدد حقوق الفرد وواجباته تجاه الآخرين وتجاه وطنه لذلك فالتربية الوطنية تعد الفرد المواطن وتزوده بأسباب المواطنة الفاعلة من حيث الشعور بالانتماء للوطن والإخلاص له والتضحية لأجله.
وتابع شماس: لكي تحقق تربية المواطنة مضموناتها المعرفية الفلسفية والأخلاقية السلوكية يجب أن تبدأ من الأسرة وتمر بمراحل التعليم كافة وصولاً إلى المرحلة الجامعية لتتم دراستها وتعزيزها لدى المتلقي ضمن مناهجه الدراسية وهذا ماتعنى به العلوم الإنسانية وخاصة علم الاجتماع والتربية وعلم النفس واللغة العربية وغيرها من أقسام العلوم الإنسانية.
وفي الختام لابد من التذكير بأن للوطنية تعريفات كثيرة منها مايحمل معنى عاطفياً يرتبط بالمكان الذي يقيم فيه الإنسان ومنها مايحمل معنى فكرياً يرتبط بالثقافة والقيم والعقائد ومنها ما ينطلق من المعنى القانوني الذي يعبر عن حقوق المواطن وواجباته في وطنه، فالوطنية تشكل إطاراً للقيم الإنسانية والأخلاقية وسياجاً لحمايتها وتحصينها من الضياع والتهميش واللامبالاة.

العدد 1089 التاريخ: 29/3/2022

آخر الأخبار
الشرع في لقاء مع طلاب الجامعات والثانوية: الشباب عماد الإعمار "أموال وسط الدخان".. وثائقي سوري يحصد الذهبية عالمياً الرئيس الشرع  وعقيلته يلتقيان بنساء سوريا ويشيد بدور المرأة جعجع يشيد بأداء الرئيس الشرع ويقارن:  أنجز ما لم ننجزه الكونغرس الأميركي يقرّ تعديلاً لإزالة سوريا من قائمة الدول "المارقة"   أبخازيا تتمسك بعلاقتها الدبلوماسية مع السلطة الجديدة في دمشق  إعادة  63 قاضياً منشقاً والعدل تؤكد: الأبواب لاتزال مفتوحة لعودة الجميع  84 حالة استقبلها قسم الإسعاف بمستشفى الجولان  نيوز ويك.. هل نقلت روسيا طائراتها النووية الاستراتيجية قرب ألاسكا؟       نهاية مأساة الركبان.. تفاعل واسع ورسائل  تعبّرعن بداية جديدة   تقدم دبلوماسي بملف الكيميائي.. ترحيب بريطاني ودعم دولي لتعاون دمشق لقاء "الشرع" مع عمة والده  بدرعا.. لحظة عفوية بلمسة إنسانية  باراك يبحث الملف السوري مع  ترامب وروبيو  مبعوث ترامب يرحب بفتوى منع الثأر في سوريا   إغلاق مخيم الركبان... نهاية مأساة إنسانية وبداية لمرحلة جديدة  أهالي درعا يستقبلون رئيس الجمهورية بالورود والترحيب السيد الرئيس أحمد الشرع يؤدي صلاة عيد الأضحى المبارك في قصر الشعب بدمشق بحضورٍ شعبيٍّ واسعٍ الرئيس الشرع يتبادل تهاني عيد الأضحى المبارك مع عدد من الأهالي والمسؤولين في قصر الشعب بدمشق 40 بالمئة نسبة تخزين سدود اللاذقية.. تراجع كبير في المخصص للري.. وبرك مائية إسعافية عيد الأضحى في سوريا.. لم شمل الروح بعد سنوات الحرمان